الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

تصریحات حکومیة متسرعة




تسرعت الحكومة في إطلاق تصریحات مبشرة حول مخزون بئر غاز جدیدة في منطقة الریشة.

وربما تكون الشركة الوطنیة للبترول قد ارتكبت الخطأ، خصوصا إن التقییم النھائي لإمكانیات البئر ستعلن خلال الشھر الحالي، فماذا یضیر الشركة لو انتظرت أسبوعین على أبعد تقدیر قبل التورط في رفع سقف التوقعات. اضافة اعلان


عدد الآبار في حقل الریشة 45 بئرا تنتج حسب بیانات الشركة  9ملایین متر مكعب من الغاز یومیا، بینما معدل الاستھلاك الیومي للأردن 330 ملیون متر مكعب.

وخلال ربع قرن تقریبا بلغ إنتاج آبار الحقل حوالي 221 ملیار متر مكعب، وتقول ”البترول الوطنیة“ إن ھذه الكمیة تعادل استھلاك الأردن في عامین لا أكثر.

نحن إذا أمام حصیلة متواضعة جدا، لم تفلح كل جھود التنقیب والحفر على مدار سنوات طویلة في زیادتھا. والمرجح أن البئر الجدیدة مھما بلغت طاقتھا الإنتاجیة، فلن تبدل كثیرا بالمعادلة الحالیة.

أتمنى مثل كل أردني اكتشاف كمیات كبیرة من الغاز والنفط في باطن أرضنا، تكفي حاجتنا ونصدر الفائض مثل جیراننا. ونعلم أن ذلك ھو حلم كل مواطن أردني.

لكن الخطورة في التصریحات الحكومیة المتسرعة أنھا تغذي الانطباعات السائدة عند قطاع واسع من الجمھور عن وجود كمیات مھولة من النفط والغاز في الأردن، تمتنع الدولة عن استخراجھا لأسباب غامضة یعزوھا عامة الناس للمسكون من نظریات المؤامرة.

كثیرون بیننا سیمسكون مستقبلا ببیان شركة البترول وتغریدة رئیس الوزراء بھذا الشأن كدلیل على صحة انطباعاتھم بوجود النفط والغاز وتقاعس الحكومات عن استخراجھ.

مثل ھذه القضایا الحساسة ینبغي تركھا للفنیین لتقریر أمرھا بعد التأكد بشكل قاطع من النتائج النھائیة، ففي سنوات سابقة وقع مسؤولون بنفس الفخ، واطلقوا تصریحات متفائلة عن قدرات حقل الریشة وسواه من أعمال التنقیب التي شھدتھا مناطق واسعة، وتبین بعد ذلك عدم دقةالتوقعات.

شركة البترول نالت الدعم المطلوب من الحكومة الحالیة للتوسع في أعمال التنقیب، وھذا قرار صائب، وھي تعمل بكل طاقتھا لتحقیق استراتیجیتھا ”بزیادة مساھمة المصادر المحلیة من الطاقة من إجمالي الطاقة المستھلكة“. وأبرز الخطوات المتخذة، التوسع في حفر الآبار الاستكشافیة.

لكن ذلك الجھد على أھمیتھ، یحتاج لوقت طویل قبل حسم النتائج. وإلى ذلك الحین یتعین على الشركة أن تتمسك بحذرھا في إطلاق التصریحات حتى لا تواجھ مستقبلا بالاتھامات أو تساھم دون قصد في تضلیل الرأي العام.

فاتورة الطاقة كابوس الأردن، وستبقى كذلك إلى أن نتمكن من تطویر مصادر بدیلة تخفف من وطأتھا على موازنة الدولة. لكن من بین الخیارات التي یعول علیھا أصحاب القرار الطاقة البدیلة وتنویع خیارات التزود بالطاقة أكثر من تعویلھم على اكتشافات نفطیة مفاجئة. على الجانب الآخر، نتفھم رغبة الحكومة وحاجتھا لبث روح التفاؤل والأمل في أوساط الأردنیین، لكن ما نخشاه ھو المبالغة والإفراط بصرف الوعود والتمنیات التي لا تستند لحقائق أكیدة، وعندھا تقع في شرك التضلیل، فما بین الحقیقة والخداع خیط رفیع.