الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

سوء التغذیة وهدر المستقبل




تناولت وسائل الإعلام وكذلك مؤسسة تضامن تقاریر عن الطفولة وسوء التغذیة في الأردن؛ تؤشر إلى حالة خطیرة تھدد بھدر المستقبل وتحول كل جھود التنمیة والخدمات الأساسیة ھباء منثورا!

اضافة اعلان


فحین یكون ثلث الأطفال یعانون من فقر الدم فإننا نتحدث عن مستقبل مخیف، فذلك یعني ببساطة أن ثلث المجتمع بعد سنوات قلیلة سوف یكون عاجزا عن المشاركة الاقتصادیة والاجتماعیة، ومعرضا للتقزم والأمراض، ما یعني مزیدا من الإنفاق على الصحة وضعفا في العمل والإنتاجیة، وتراجعا في فرص العمل والحیاة الأطول، وغیاب المساواة في التنافس على الفرص والأعمال.

یقول تقریر الأمم المتحدة للتنمیة الإنسانیة إن برامج التغذیة المناسبة والكافیة للأطفال تزید فرص أطفال الفقراء والمھمشین على التنافس والقدرة على المشاركة بنسبة 25 في المائة، وھي نسبة كافیة لجسر أو تخفیض الفجوة بین الفقراء والأغنیاء، ھكذا فإن أھم ما یلزمنا لمستقبل واعد للأجیال أن نستھدف الأطفال والأمھات ببرامج تغذیة وعنایة صحیة وتوعیة اجتماعیة وعلمیة تعدل سلوك المواطنین والأسر والأطفال، وھي برامج وتكالیف لیست خارجة عن قدرتنا، فالتغذیة الجیدة والنظافة أھم سبب ومصدر لیتوفر للناس فرص كافیة في الصحة والعمل، بل إن التغذیة والنظافة تحقق نتائج صحیة في العلاج والوقایة من الأمراض وبناء القدرات والمھارات أكثر من الأدویة والمستشفیات والخدمات الصحیة...

 تبدأ آثار وتفاعلات سوء التغذیة منذ الحمل، ویؤثر سوء التغذیة للأم الحامل على الجنین وتمتد ھذه الآثار السلبیة على الطفل طول حیاتھ، فقد یولد ناقص الوزن ویفتقد إلى كثیر من العناصر والمكونات الأساسیة والضروریة، مثل ھشاشة العظام، وفي المقابل فإن الطفل المولود الذي یجيء إلى الحیاة بوزن جید ومكونات وعناصر كافیة یكون قد امتلك فرصة جیدة للنمو والتكوین والتعلم، لأن الصحة العقلیة والمعرفیة تستمد قدراتھا وحیویتھا من التغذیة الجیدة.

 


وبالطبع فإن الإنسان یحتاج إلى تغذیة وعادات صحیة جیدة طوال حیاتھ، لكن السنوات الأولى من حیاة الطفل تحدد بنسبة كبرى فرصتھ في الصحة والنمو، وتؤشر تقاریر الصحة والتنمیة   على صحة الأطفال والتنمیة بعامة بمعدلات أوزان الأطفال وعدد الوفیات، وفي المقابل فإن نقص الإمداد بالمواد الغذائیة یؤدي إلى سلسلة من المخاطر، مثل فقر الدم ونقص الحدید والاوكسیجین، ما یؤدي إلى التقزم، وضعف القدرات الجسدیة، وربما إعاقات جسدیة وعقلیة، وإذا أمكن للطفل في الأشھر الستة الأولى الحصول على رضاعة طبیعیة كافیة، فإنھ یحصل على كل الفیتامینات والمعادن والمناعة اللازمة لبقائھ حیا بصحة جیدة، ومؤكد بالطبع أننا نحتاج إلى تغذیة وتوعیة للأمھات وتوفیر فرص كافیة للعاملات منھن للقدرة على حضانة الأطفال وإرضاعھم.

وتحتاج الأسر إلى معرفة ومصادر كافیة للمیاه الصحیة والآمنة لتجنب التلوث والإسھال، ومكملات غذائیة مثل فیتامین أ والحدید والیود وزیت السمك؛ إضافة بالطبع إلى التحصین ضد الأمراض الساریة والخطیرة، والحال أن ذلك یجري على نحو مؤسسي جید في الاردن، لكن لماذا تكون ھذه الحالة المخیفة في فقر الدم لدى الاطفال والأمھات الحوامل؟ الإجابة البدیھیة ھي الفقر، لكن مؤشرات الدخل والتعلیم في الأردن تقتضي بالضرورة أن تكون نسبة سوء التغذیة أقل بكثیر مما ھي علیھ، ومن الملفت أیضا تنامي حالات الوزن الزائد وغیاب ممارسة الریاضة وخاصة المشي.

المرجح أن أسلوب الحیاة في المدن وفي الریف أیضا مسؤول عن كثیر من النقص والخلل في الصحة والغذاء، كما أن التلوث والتخطیط غیر الملائم للمدن، یجعل المواطنین یعتمدون على وسائل المواصلات أكثر من المشي، بل إن المشي في عمان والمدن الأردنیة یتحول إلى مغامرة خطیرة!