الأربعاء 24-04-2024
الوكيل الاخباري
 

عالقون في نصف المسافة



عالقونَ في مُنتصف المسافة. نعم، نحن كذلك، ولا شكّ أنّ ما قطعناه من أمتار عديدة في محاربة انتشار فيروس كورونا كان مثاليا إلى حدّ بعيد مقارنةً بما تقوم به دولٌ أخرى، وأيضا بالنظر إلى النتائج التي تحققت حتى هذه اللحظة.اضافة اعلان


الجو العام في الدولة يؤكد أن القائمين على إدارة الأزمة يشعرون بالراحة الكبيرة لما وصلنا إليه اليوم في معركتنا ضد الوباء، وإلا لما بدأت خطوات إعادة الحياة إلى طبيعتها تُتخذ تباعا، فإدارتها للأزمة كانت ناجحة، ورهانها على وعيّ الشارع كان في كثير من الأحيان في محلِّه، إذ لا يمكن لأحدٍ أن ينكرَ أن الأردنيين أدّوا ما عليهم من مهام في مواجهة هذا الوباء، رغم بعض الخروقات التي تم تسجيلها هنا أو هناك، والتي كادتْ أن تعيدنا إلى نقطة الصفر في أكثر من حالة.

اليوم، كل القطاعات تطالب بالسماح لها بالعودة إلى العمل، ولها الحق في ذلك بعد أن عانتْ الأمرّين وتلقتْ خسائرَ فادحةً كونها لم تمارسْ أيّ عمل يدِر عليها مدخولاتٍ مالية طوال أكثر من شهر، وكل ذلك بسبب أزمة كورونا، فهي اليوم على مفترق طُرق، ليست وحدها بل الاقتصاد الأردني بجميع مكوناته يمرّ في مرحلة خطيرة، ويحتاج إلى تحريك عجلة الإنتاج لكي يبدأ بمرحلة التعافي تدريجيا.

المؤشرات تتحدثُ عن أنّ الحكومة، ووفق المعطيات الحالية، في طريقها إلى فتح أغلب تلك القطاعات، خصوصا التجارية منها، كما تعدّ العدة لإصدار قرارات تمهّد لمرحلة جديدة، عنوانها تحريك الظروف الحياتية وعجلة الاقتصاد، ربما يكون ذلك الأسبوع الحالي، لكن الحكومة تدرك أنّ عليها أولا الاطمئنان إلى أنّ الناس سيلتزمون بتعليمات السلامة العامة، حتى لا تقع الدولة بين فكي الوباء من جديد.

شهدت بعضُ المحافظات التي تم فك الحظر عنها بعض السلوكيات السلبية لمواطنين لم يدركوا حجم الخطر الذي ما يزال يحدق بنا، وتناسوا أهمية التباعد فيما بينهم، فتعاملوا مع الأمر وكأن شيئا لم يكن، وهذا مؤشر سلبي من شأنه أن يدفع الحكومة إلى إعادة النظر بالثقة التي منحتها للناس، ويجعلها مترددة في إعادة الحياة إلى طبيعتها بشكل أوسع، بل على العكس قد تلجأ إلى التشدد أكثر من أجل إعادة أمور الانضباط إلى سياقها الصحي الآمن.

الجميع سئم ما مررنا به خلال تلك الفترة، التي سلبت حرية المواطنين في العمل والحركة، حتى أن أغلب الأردنيين يتعطّشون لأسرهم، منهم من لم يجتمع بأهله وإخوته منذ أكثر من شهر، ومنهم من ما تزال أعماله مغلقة، وللخروج من هذه الحالة يتطلب من المواطنين بعث رسالة إيجابية تشجع عقل الدولة على أن يفكر جديا بإعلان عودة الأردن إلى ما قبل كورونا.

الأمر لا يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، ولا يتطلب من المواطنين سوى الالتزام بتعليمات السلامة العامة، والقرارات الحكومية بهذا الشأن، وعدم التعامل مع الوباء كأنه بات من الماضي، وأن لا نغفل عن أننا لم نزل نسجل حالات يوما بعد يوم، صحيح أنها حالات بسيطة، وفي انخفاض تدريجي، لكن تسجيلها يؤكد على أن الفيروس ما يزال يشكل تهديدا.

الأردنيون اليوم أقرب من أي وقت مضى لأن يحتفلوا بنصرهم على هذا الوباء، وهم يتلهفون لأن يتوجوا رُقيهم ووعيهم في التعامل مع الفيروس الذي أتى على دول كبرى وأرهقها وأزهق أرواح آلاف من أبنائها. الأمر لا يعدو أن يكون مسألة وقت، المواطن هو من يحدد أن يطول أو يقصر. فكل ما يهم الجميع اليوم هو أن يكتمل النصف الآخر من المسافة بذات التميز الذي أنجز به النصف الأول.