الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

كلفة ثلاث أزمات على الأردن



لا يمكن للوضع في الإقليم، ان يبقى بهذه الصورة، فنحن نشهد بشكل واضح انهيارات متتالية في كل دول الإقليم المحيطة بالأردن، وهو وضع لا أحد يعرف نهاياته؟!.اضافة اعلان


الأردن بكل نقاط قوته وضعفه، وتركيبته الداخلية، وأزماته الاقتصادية، يبدو مستقرا حتى الآن، لكن هذه حالة لا يجب الركون اليها، إذ إننا امام تعقيدات مختلفة، الوضع شرقا في العراق، وتأثيرات ذلك على العراقيين وخريطة العراق، ثم الأردن، والوضع شمالا، وتأثيرات ذلك على السوريين وخريطة سورية، ثم الأردن، والوضع غربا، من حيث انتهاء مشروع الدولة الفلسطينية، كليا، وتأثيرات ذلك على الأردن، ثم المشروع الإسرائيلي، وتمدده من حيث التأثيرات نحو الأردن في مرحلة ما، فوق التأثير المباشر على الفلسطينيين.

سياسات الأردن، حتى الآن اعتمدت مبدأ إدارة الازمات وجدولتها، وتخفيف كلف أزمات الجوار، لكن في كل الأحوال، تنزلت فواتير كبرى على الأردن، سياسيا، واقتصاديا، وامنيا، واجتماعيا، وهي فواتير ظهرت آثارها بأشكال مختلفة، دون ان نحمل مسؤولية ما يجري في الأردن، لشعوب ودول الجوار، اذ ان لدينا من الأخطاء الداخلية الكثير أيضا، حتى لا تصبح دول الجوار هي الشماعة التي نعلق عليها كل الأخطاء التي عشناها داخليا.

لكن مبدأ إدارة الازمات، والتحالف مع واشنطن، والاقتراب من الروس، والتموضع ضمن دور إقليمي، وتوصيف محدد، كلها معادلات قد لا تصمد بعد قليل، خصوصا، ان التغيرات في دول الإقليم، تنزع نحو اتجاهات جديدة، في ظل المواجهة مع الإيرانيين في دول عربية، والموقف من تركيا، إضافة الى مشاريع التقسيم العلنية والسرية، وعدم قدرة الأردن على الادعاء بوجود علاقات سياسية ذات منفعة اقتصادية مع أي من دول الجوار التي ذكرتها سابقا، وبهذا المعنى لا بد من القول ان الأردن سيجد نفسه مضطرا لبلورة سياسات جديدة، امام التغيرات المقبلة على الطريق وتحديدا على صعيد ملفات العلاقة مع العراقيين والسوريين والفلسطينيين، وآثار ذلك على بنية الإقليم، واستقراره العام.

لا أحد يفترض ان الأردن دولة عظمى قادرة على صد تأثيرات هذه الأوضاع، لكن كل المؤشرات تؤكد ان ملفات المنطقة سوف تنفجر، ولن تحافظ على منسوب حدتها الحالي، اذ لا يعقل ان تتم قراءة تأثيرات الملف العراقي، بمجرد احتجاجات داخلية، مع عزلها عن ملف الإقليم، وتأثيرات ذلك على الجوار مع الأردن، والامر ذاته يمتد الى الملف السوري، والحديث عن المنطقة الآمنة شمال سورية، ومخططات واشنطن لتأسيس دولة كردية قد تفتح باب إعادة ترسيم كل سورية، وتقسيمها، هذا فوق ما نعرفه بشأن الملف الفلسطيني، والملفات التي لن يتمكن الأردن من التهرب من كلفتها طويلا، وخصوصا، ملف القدس، واللاجئين، والحدود، وانهيار كل مشروع الدولة الفلسطينية.

هذا يعني بشكل واضح، ان الأردن من حيث موقعه ووضعه في الإقليم، امام تداعيات كبيرة، قد تكون مختلفة، عما شهدناه خلال فترة الربيع العربي، فهذه الازمات تتضاعف، وتأثيراتها تشتد، وكل المؤشرات تقول ان المخططات سوف تأخذنا نحو اتجاهات جديدة، واذا كانت كل القوى تتدافع في المنطقة، فإن الأخطر خروج هذه الحالة عن قواعدها، بحيث تمتد الى دول جديدة، وهذا ما شهدناه في لبنان، وقد نشهده في الأردن، لكن ليس بذات الطريقة، بل بسبب كلفة إعادة رسم الخرائط، من جهة، وكلفة الديموغرافيا بمعناها السياسي، وتأثيرات ذلك سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

المفارقة هنا، ان دولا كبرى واكثر تنوعا وثراء، خضعت لهذه التغيرات القسرية في المنطقة، سواء كانت برغبة داخلية، او لوجود مؤامرات خارجية، مثل الوضع في العراق وسورية، فيما البلد الأقل من حيث الإمكانات، والأكثر حساسية من حيث موقعه الجغرافي، بقي صامدا، وهذا الكلام يجب الا يعزز ثقافة الفخر، بل يجب ان يتسبب بمزيد من الحذر إزاء الحسابات المستقبلية، خصوصا، ان هناك كلفة جزئية دفعها الأردن بسبب ملفات الجوار، لكن لا احد يضمن بقاء هذه الكلفة ضمن السقف الحالي.

هنا يأتي السؤال عما يمكن للأردن فعله اذا دخلنا العام الجديد، وقد تبلورت كل مخططات التقسيم، وإعادة رسم الجغرافيا، فوق سيناريو الحروب، وخلط الأوراق في كل المنطقة، فيما الوضع في الإقليم، يستحيل ان يبقى كما هو، وينزع نحو الحسم، والنهايات؟.