الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

مستقبل الاقتصاد مع صندوق النقد




اخبار مبشرة بإنھاء المراجعة الثانیة مع صندوق النقد الدولي؛ إتمام المراجعة یعطي زخما للإصلاح المالي، ویعزز مصداقیة الدولة الأردنیة في المنابر الدولیة، ویكرس الانطباع أن المملكة جادة في ملف الإصلاح، والأھم من ھذا وذاك، أن ھذه المراجعة تفتح الفرص لقدوم المنح، وتیسر الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة، ما یعني توفیر مئات الملایین على مدى سنوات سداد القروض الطویلة. اضافة اعلان


واضح أن المراجعة الثانیة لیست نھایة الطریق مع صندوق النقد، فثمة إجراءات ومؤشرات لا بد من تحقیقھا في الفترة الزمنیة القادمة حتى نستطیع القول بشكل حاسم إن برنامج الإصلاح المالي قد حقق أھدافھ، سیما بالسیطرة على العجز في الموازنة وخفض نسبة الدین للناتج القومي الإجمالي.

 یعترض كثیرون على برامج الإصلاح مع صندوق النقد، وینظرون إلى الصندوق على أنھ امتداد لأیادي الاستعمار والتدخلات الدولیة التي غالبا ما تضرب استقرار الدول، والحقیقة أن الدول ھي التي تدعو صندوق النقد لمساعدتھا، وبكامل رضاھا وسیادتھا، لأنھا تكون قد أخفقت بإدارة اقتصادھا وتراجعت ثقة المؤسسات الدولیة المانحة والمقرضة بھا، فتقل بذلك قدرتھا على إدامة الاقتصاد وتنمیتھ. البرامج تصاغ بالتشارك مع الدول وضمن أولویاتھا الوطنیة الاقتصادیة والاجتماعیة، ضمن تفاھم برامجي یھدف في النھایة إلى تحقیق مؤشرات مالیة واقتصادیة بعینھا.

ھذا تماما ما حدث في رحلة الأردن مع برامج صندوق النقد الدولي منذ العام 1989 ،والذي لخصتھ ”الغد“ في تقریر نوعي حدد أھم محطات ھذه الرحلة.

الأردن، ولسنوات طویلة، كان یتصرف وكأنھ دولة نفطیة وھو لیس كذلك، فتوسع بالإنفاق الجاري من دون أن یكون ھناك إیرادات تغطي ھذا الإنفاق، فتفاقم العجز وازدادت المدیونیة، وتوسعت منح الإعفاءات من الضرائب والرسوم بھدف تعزیز الإنتاجیة والتنافسیة من دون متابعة ما إذا كانت تلك الإعفاءات قد حققت أھدافھا، لا بل إن أمر الإعفاءات استمر لیصبح من الحقوق المكتسبة وجزءا أساسیا من نموذج الأعمال المالي والاقتصادي للقطاعات المعفیة. ھذا السبب الأول الذي یبرر حاجة الأردن لبرامج مع صندوق النقد الدولي.

أما السبب الثاني، فیتمثل بأن الحكومات قد استمرأت في كثیر من المنعطفات وتحت ضغوط سیاسیة واجتماعیة مختلفة العودة وعدم الالتزام بالإجراءات الإصلاحیة التي أقرت قبلھا، ومثال على ذلك مسألة تحریر أسعار المحروقات، حیث تم منذ سنوات لتأتي حكومة لاحقا وتعید الدعم على المحروقات، وھو قرار كبد الخزینة ملیارات الدنانیر، إلى أن تم التحریر مرة أخرى لاحقا في نھایة العام 2012 .

نحتاج كمجتمع، ولیس حكومة، صندوق النقد لكي نتأكد أن حكوماتنا لن تتراجع عن قرارات الإصلاح تحت الضغط أو الشعبویة، وأن تستمر بالتصرف بعقلانیة وضمن الإمكانات المتاحة لا كدولة ریعیة تمتلك النفط، وأن ترسخ معادلة الأمن الاجتماعي ضمن مبدأ دعم من یستحق من الأردنیین، لا دعم السلع المستھلكة من قبل المقتدرین أو من قبل غیر الأردنیین.