التطورات المتلاحقة على الساحة السورية, والابرز فيها تراجع «الحماسة» التي تبديها الادارة الاميركية لفصائل المعارضات السورية المسلحة (دع عنك تلك السياسية التي تم تنصيبها واعتمادها في عواصم الغرب ) دون اي حاضنة شعبية او وجود مادي على الارض السورية, وتم استخدامهم كدمى وادوات في الحرب الشرسة التي شنّت في سوريا وعليها... تشي كلها بان ما يسمى زورا وزيفا بـ»الثورة السورية» قد بدأت مرحلة الاحتضار والتصفية, وانها باتت عبئا على رعاتها ومموليها ومشغّليها, الذين ينشغل بعضهم في صراعاته الاقليمية ونزاعاته ذات البعد الشخصي الثأري، فيما آخرون اعادوا قراءة ملف الازمة السورية (مُرغَمين) وتوصلوا الى قناعة بان الوقت قد حان للتخلي عن الاوهام والاساطير التي روجوها عن وجود «ثورة» في سوريا, وعن وهم اسقاط النظام السوري بالإرهاب والتفجيرات الانتحارية واستقدام المرتزقة من كل حدب وصوب.
ان تُعلن وكالة المخابرات المركزية الاميركية رسميّاً إنهاء البرنامج الذي اعتمدته ادارة اوباما لتسليح المعارضة السورية المسلحة، يعني ان واشنطن ترمب، قد خلصت الى نتيجة ليس فقط بان هؤلاء الدمى لا يمكن الرهان عليهم بعد كل الفضائح التي رافقت عملية تدريبهم وتأهيلهم وما صرف عليهم من ملايين الدولارات، دون جدوى او اثر على مجريات الاحداث الميدانية في سوريا, وانما ايضا الإقرار بان اليد العليا في الميادين السورية هي للجيش السوري ولحلفائه وبخاصة موسكو، التي لم توفر ادارة اوباما جهدا او وسيلة او منبرا او غرفة تآمرية سوداء الا واستخدمتها, من اجل تحويل سوريا الى افغانستان جديدة لموسكو، لكنها لم تحصد سوى الخيبة والفشل ولم يكن قرار «استراتيجي» كهذا ليكون، لولا القناعة الاميركية المتزايدة بان ما حقّقته موسكو منذ انخراطها الميداني المباشر في الازمة السورية في الثلاثين من ايلول 2015، لم يعد بمقدورها (واشنطن) تغييره او عرقلته «جوهريّاً», وان معظم اوراقها ان لم نقل كلها، قد احترقت وما من سبيل امامها سوى «التعاون والتنسيق» من اجل الحد من خسائرها والإبقاء على بعض ماء وجهها ودورها، عندما تبدأ مرحلة الحل السياسي الشامل للازمة السورية, والتي بدأت تأخذ تجلياتها من تكريس مناطق تخفيض التصعيد، التي كان ابرزها جبهة الجنوب، وجاء التوقيع مؤخراً على انضمام الغوطة الشرقية لهذا المسار واعتراف محمد علوش، رئيس المكتب السياسي لجيش الاسلام بان اتفاقا كهذا قد وُقِّع وبدأ تطبيقه تدريجياً, سوى إقرار بان ما سمي ثورة سورية قد لفظت انفاسها، وان فصائل المُسلحين التي تم اختراعها على الارض السورية وتزويدها بالسلاح والتدريب والاموال وتسهيل عبورها عبر الحدود وبخاصة من تركيا.. باتت مهزومة, وليس عليها سوى رفع الراية البيضاء، او الانتظام في مسيرة المصالحات والاعتراف بان لا حل عسكريا للازمة السورية, وان الحل السياسي «السوري السوري «هو الممر الإجباري لكل هؤلاء، اذا ما ارادوا «السلامة» وليس ما يجري الان في جرود عرسال اللبنانية وما تبقى من جرود القلمون السوري الشرقي، سوى الرسالة الاوضح بان لا خيار امام هؤلاء سوى إلقاء السلاح او الذهاب الى «إدلب» حيث المقتلة المفتوحة, التي يديرها ارهابيو احرار الشام في المواجهة المحتدمة مع ارهابيي جبهة فتح الشام/النصرة، والايدي التركية العابثة واضحة الدور والاهداف، لكن انقرة (كما واشنطن) لن تستطيع تغيير الوقائع الميدانية او التأثير في مجرياتها, مهما واصلت رفع عقيرتها بالشكوى وإرفاقها بتهديدات عن غزوات جديدة تحمل اسم «سيف الفرات» كما الغزوة التي سبقتها وكان اسمها «درع الفرات», والتي تحاول من خلالها «الاستيلاء» على محافظة ادلب واستغلال الاقتتال بين الارهابيين، كي تتوفر على «ورقة» يمكن لها ان تُجهِض مشروع فيدرالية «روج آفا» الكردية, التي يبدو ان ادارة ترمب تريد مواصلة التلويح بها لتحقيق هدفين, أحدهما إحراج حكومة انقرة وابتزاز اردوغان في هذا الشأن، والثاني هو استخدام الكرد, ورقة على طاولة الحل السياسي للازمة السورية، بغية ايجاد موطئ قدم – عبر عملائها–في المشهد السوري الجديد.. وبخاصة في حال نجاح (هذه القوات) في تحرير مدينة «الرقة» بعد ان فقدوا الامل والقدرة بالاقتراب من دير الزور,إثر تقدم الجيش السوري في البادية الشرقية.
ثمة من لا يريد الاقتناع بان التراجع الاميركي هو حقيقي, فرضته ظروف ميدانية وتحالفات اقليمية ودولية لم يعد بمقدور واشنطن التأثير فيها او تغييرها، وما يتحدثون عنه او يروِّجونه بان ثمة هناك «ضوءا اخضر» اميركيا لموسكو في هذا الشأن, لا يعدو كونه قراءة قاصرة عن فهم طبيعة المشهد الدولي الجديد وبخاصة في بعده السوري وأن تدهور العلاقات الاميركية الروسية قد وصل الى مرحلة غير مسبوقة، ليس ثمة امكانية لوجود مثل هذه الاضواء «الخضراء»، حيث يظن اصحاب هذا الرأي ان واشنطن الحالية هي واشنطن «القديمة» ذات السطوة والقدرة والقرار الذي لا رادّ له.
المشهد الدولي تغيّر والدور الاميركي الشرق اوسطي (دع عنك الدولي وخصوصا في العلاقة بين واشنطن وبيجين) آخذ في الضعف والإنحسار, حتى لو خيِّل لبعض هؤلاء, ان اميركا لم تُهزَم وان اميركا قادرة على تجديد دورها وادواتها، وهذه كلها امنيات, تماما كما كان التعويل على ما سُميّ الثورة السورية ومعارضات الفنادق.
الازمة السورية غدت مُختبرا حقيقيا وكاشفا لموازين القوى والادوار الجديدة لقوى وتنظيمات بازغة, وخصوصا لتلك التي نجمها في أُفول.. والأيام ستقول.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو