ما من فرض أمر الله تعالى به إلا وله حكمة واضحة تعين المسلم على التنفيذ، ذلك أنك اذا فهمت الغاية سهل عليك العمل وخصوصاً اذا كانت الغاية مقنعة كما هي الحال في كل الاحكام الشرعية بلا استثناء - إلا ما ضاقت عنه رؤوس بعضهم عناداً - فعندما شرع الله تعالى الزواج قال (لتسكنوا إليها) اي لتستقر نفوسكم وخواطركم بزوجاتكم وجعل النسل والمصاهرة تبعا للغاية الام وهي السكينة والألفة والمحبة، وعندما تحدث سبحانه عن الصيام جعل الغاية منه التقوى فقال : ( لعلكم تتقون ) أي تراقبون الله تعالى في كل صغيرة كما تدربتم وتعودتم في الصيام.
فأنت تغلق بابك على نفسك وكوب الماء البارد أمامك ودواعي الشرب من عطش وخلوة وحاجة وجهد موجودة ومع ذلك لا تمتد يد الصائم لأنه منتمِ الى مدرسة التقوى، فحقق الغاية والمطلوب منه عندما صام.
وأما الذين ضعفت نفوسهم أمام فنجان قهوة أو سيجارة أو شربة ماء ولم يقدروا ان يكبحوا جماح أنفسهم وشهواتهم فماذا سيفعلون اذا برقت لهم الدنانير ولمعت في عيونهم الملايين وانفردوا بأموال الأمة وخلت لهم الطرقات. وغاب الحراس، وشمرت العطاءات عن سيقانها، وأظهرت الاتفاقيات مفاتنها!! أتراهم يُحجمون عن غاياتهم ؟! وكيف يُحجمون وقد اختبرناهم في شربة ماء فخانوها! واختبرناهم بفنجان قهوة فما رحموه في نهار رمضان!!
إن رمضان المعظم يثبت عاماً بعد عام أن الوطنية الصادقة لمن فاز في رمضان فصام لأنه الأقدر على أن يقف أمام المال العام شامخاً صلباً لا تمتد يده إليه وليست الوطنية المتشدق بها لأن الوطنية فعل لا قول، وموقف لا وعد.
وإذا كانت الغاية من الصوم كما أرادها الله تعالى التقوى، فلتكن هي الغاية التي توضع نصب العينين، ولتكن الفوائد الاخرى تِبعا لها كمن يريد أن ينقص وزنه أو يرشق جسده، أو يخفف دهونه، لأنها معان وإن كانت جميلة لكنها تخرج العبادة عن سموها، وبركتها وتجعل القلب متعلقاً بتحقيقها أكثر من تحقيق المقصد الأصيل، وتجعل النجاح في رمضان بمقدار ما خسر من وزن لا بمقدار ما كسب من حسنات.
إن الشرع الاسلامي كله مصالح دينوية قبل أن تكون اخروية ومن الظلم اقتصار الفائدة الدينية على ما سنكسبه في الآخرة وإن كان مكسبها طموح لا يُنكر، ولكن الحياة الدنيا هي الخطوة الأولى في نظر الشرع، وإغفالها خسارة منفرة، فوا عجبي لمن سوق أن الدين شيء والدنيا شيء والأعجب منه من صدق تلك البضاعة فأخذها بخسة بثمن غالٍ هو العقل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو