الجمعة 2024-12-13 06:46 ص
 

أسرار السعودية

10:02 ص

لم تحمل مراسلات وزارة الخارجية السعودية، التي كشفها موقع 'ويكيليكس' الشهير، مفاجآت مدوية بعد، كتلك التي ظهرت في برقيات وزارة الخارجية الأميركية قبل سنوات.اضافة اعلان

ربما تحمل الدفعات المتوقع نشرها في الأسابيع المقبلة معلومات أكثر إثارة، لأن ما تداولته وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، كان في حدود التوقعات.
كل من يعرف لبنان ونخبته السياسية والإعلامية، وموقعه في الصراع بين القوى الإقليمية المتنافسة؛ إيران والسعودية وسورية، يعلم أن فريقا عريضا من ساسته وإعلامييه يتلقى الدعم المالي من السعودية، ومنذ عقود. وبعضهم كان يقبض في الصباح من السفير السعودي، وفي المساء من 'المرحوم' غازي كنعان، ومن خلفه من رجال النظام السوري الذين حكموا لبنان لعقود.
وإذا ما تسنى لجوليان أسانج وصحبه في 'ويكيليكس' أن يصلوا يوما ما لمخزون وزارة الخارجية الإيرانية، فلن تختلف الوقائع كثيرا عما حملته برقيات الخارجية السعودية، إلا في الأسماء والعناوين.
هكذا كان لبنان منذ عقود، وسيبقى؛ ساحة لصراع القوى المتنافسة، ومثالا لدولة تدين نخبتها بالولاء لمن يدفع.
مصر بعد 'ثورة يناير' 2011 بدت وكأنها تسير على طريق لبنان. وتكشف مراسلات الخارجية السعودية جوانب مهمة بهذا الخصوص. الفرق أن إيران لم تدخل بشكل مباشر على الخط المصري، واقتصرت المنافسة على الدول الخليجية المنقسمة بين مؤيد للجيش، وداعم للإخوان المسلمين.
تونس وليبيا نالتا نصيبهما من المنافسة. وما تزال ليبيا على وجه التحديد، أرضا خصبة لصراع الأموال الخليجية.
أما سورية، فهي الميدان الأكثر دموية وبشاعة للصراع؛ فبعد الأحداث التي شهدتها خلال السنوات الخمس الأخيرة، انتقلت سورية عمليا من خانة الدول المنافسة، إلى دول تتنافس على أرضها كل القوى الدولية والإقليمية. المال الخليجي والإيراني والتركي والغربي، يرسم ملامح سورية الجديدة؛ ثورة ونظاما.
وإذا صح قول 'ويكيليكس' بأن ثمن حرية حسني مبارك وصل إلى عشرة مليارات دولار، فإن ثمن رأس بشار الأسد بلغ أضعاف هذا المبلغ، ومثلها وأكثر دفعتها إيران لضمان بقاء حليفها في السلطة.
لكن في حالة السعودية، يظهر جليا مأزق السياسة. إذ تظهر البرقيات أن الانسجام الطائفي بين الرياض وحلفائها في لبنان وغيره من البلدان، لا يضمن الولاء أبدا إذا لم يقترن بالمال، بخلاف إيران مثلا. فها هو صاحب وسيلة إعلامية يهدد السعودية بشكل مبطن بالانقلاب عليها ودعم طهران، إذا لم تسارع السفارة السعودية في بيروت إلى إنقاذ مشروعه الإعلامي المتعثر.
ولا تخفي برقيات السفير السعودي في بيروت الضيق من إلحاح بعض الحلفاء في طلب المال، وطرق الابتزاز التي يمارسها أتباعهم من السياسيين والإعلاميين، للحصول على الدعم المادي.
حصة الأردن في الدفعة الأولى من البرقيات المسربة شحيحة جدا، ومحتواها لا يشذ عن السياق العام لبرقيات مختلف السفارات. لكن ما في جعبة أسانج أكثر من 400 ألف برقية، وربما تأتينا بأخبار أكثر إثارة، ليس فيما يخص علاقات البلدين على المستوى الرسمي فقط، بل الجوانب الخفية في علاقات النخب؛ شيوخا وساسة وإعلاميين، مع السعودية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة