الجمعة 2024-12-13 08:10 م
 

أطلالُ أطلالِنا!

08:37 ص

كانت الآثار الباقية من الحضارات التي بلغت خريفها في بلادنا تسمى الاطلال، وثمة شعراء بكوا عليها وان كان احدهم وهو ابو نؤاس سخر من هذا البكاء والوقوف على الاطلال قائلا لمن يمارس هذا الطقس : ما ضرّه لو كان جلس؟اضافة اعلان

ويخطئ من يصدق ان هذه الاطلال كانت بخير، فالكثير منها هُرّب او بيع في السوق السوداء، ومنها ما تحول الى خرائب تبرطع فيها الثعالب والضباع، ويروي الراحل جبرا ابراهيم جبرا كيف كان المستشرقون يجرون التماثيل في الماء، بينما يسخر البدو والفلاحون منهم لأنها بالنسبة اليهم مجرد اصنام انتهى زمنها، وما يحدث الان هو تحطيم الاطلال انسجاما مع تقسيم ما هو مقسّم اساسا، وتناغما مع ما انتهى اليه المشهد القومي وهو يعج بنفايات النفايات ...
ولا ندري متى سيأزف الدور لاعادة تدمير المدمّر بحيث لا يبقى اثر لكل من شيدوا حضارات وعمرانا في هذه المنطقة المنكوبة؛ لأن ما اصابها اشد من اي زلزال ومن اي درجة في مقياس ريختر، فهل لم نكن كعرب امناء على هذا الميراث ؟ ام ان نزعة التدمير والانتحار لدينا اقوى من اية نزعة للبناء والنّماء!.
قلنا من قبل ان ما سرق من اثارنا ظفر بالبقاء ولو في المنفى، لأن ما تبقى حوّلته المعاول الى ركام ! ولو كان الحجر يذكر الازميل الذي نحت منه حياة لبكى، لكن الحجر لا يدرك ما الذي جرى له ولما يجسّده من عبقريات بشرية، لهذا تمنى شاعرنا القديم لو انه حجر كي تنبو الحوادث عنه وهو ملمومُ!.
والمناطق التي يتم الاعلان عن كونها منكوبة بكوارث الطبيعة تجد من يعطف عليها، لكن هذه المنطقة المنكوبة بكوارث التاريخ الغاشم وافرازاته السامة تثير الاشمئزاز ولا تحظى بالعطف، ومن يدري لعلّ يوما يأتي يتم فيه تجريدنا حتى من اطلال الاطلال لأنها ليست في ايدي امينة، فالمجرم ليس فقط من يدمّر ويفجّر بل هو الصامت والشيطان الاخرس الذي يبحث عن النجاة حتى لو كانت على خازوق!.
ان من خان امانة الكتاب والمخطوط واللوحة لن يؤتمن على جدارية أو تمثال!!.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة