الجمعة 2024-12-13 12:41 م
 

أنت «منهم»؟

07:41 ص

-1-
في كل بلاد الدنيا، ينقسم الناس إلى طبقات وأنواع، فثمة طبقة رجال الحكم المباشر، وثمة رجال حكم الظل، وهناك محكومون، وتختلف طرق «فرز» كل طبقة باختلاف النظام السياسي، ما يشاع اليوم أن النظام الديمقراطي هو الأسلم أو أفضل السيء، وثمة استثناءات، سنغافورة مثلا، وحاكمها ومؤسسها لي كوان يو الدكتاتور الرشيد المصلح، بلد يستحق الدراسة، حالة صدام حسين أيضا، تستحق أكثر من دراسة، ليس ضروريا أن تكون منتخبا وديمقراطيا حتى تكون نافعا لبلدك، المهم أن تحبها وتحب شعبك، حتى لو ظلمت بعضهم، مسلمات كثيرة استقرت في الوجدان الجمعي العربي، جعلته تائها حائرا في البحث عن الأصلح، مثل آخر يستحق التوقف طويلا جدا، طريقة اختيار «الخليفة» منذ تحولت إلى «ملك عضوض» حين تربع معاوية على كرسي الحكم، وحتى آخر خليفة عثماني حكم بالوراثة أيضا، قصة الخلافة كانت قصة نجاح، رغم كل إخفاقاتها، ودمويتها أحيانا، قارن اليوم بين حال الأمة تحت حكم الخلافة أيا كانت وفي كل حقبها، وبين حالها تحت حكم الدولة القطرية وستعلم عم نتحدث!اضافة اعلان

-2-
سألني: أنت «منهم»؟
أجبت على الفور ودون تفكير: لأ، أنا لست منهم، أنا مني!
و»هم» هنا طبقة كاملة من الرجال ارتضوا أن يحملوا عبء المسؤولية، وتسلم مقاليد الإدارة، وأن يحملوا «الأمانة» التي حملها الإنسان، وأشفق غيره من المخلوقات من حملها، تذكرت هنا، بعد الإجابة السريعة مقولة كان مسنون يرددونها، ربما من باب «قصر ذيل يا أزعر!»، وهي «سلطان اللي بعيد عن السلطان» وهي ليست صحيحة في المطلق، فالبعيد عن السلطان يحتاج أحيانا أن يقف على باب السلطان، أو باب من هو قريب منه، لتسيير أمور حياته، وكلما كان أكثر بعدا كانت تكاليف حياته أكثر صعوبة، لكنه يفوز آخر النهار بجائزة كبيرة، قد لا يقدرها إلا المحروم منها، وهي أنه ينام خلال دقيقة أو اثنتين من وضع رأسه على الوسادة، أما الجائزة الأخرى، التي يختلف الناس في تقويم أهميتها، فهي طبيعة الأفكار التي تراوده حينما ينظر إلى نفسه صباحا في المرآة، والأمر متعلق تحديدا بالمشاعر التي يكنها لنفسه حين تلتقي عيناه بعينيه!
-3-
ثمة مسألة فاصلة هنا، أو قل أكثر، بعد شرّقت وغرّبت، أكثر من سبب..
الأولى، كيفية اختيار أن تكون منهم أو منك، فقد تفشل في أن تكون منهم، فتعزي نفسك بفخر كاذب، من باب قصر ذيل يا أزعر، انك لست منهم، والحقيقة أنك لا منهم ولا منك..
الثانية، وهي الأهم، أن من يختار أن يكون منـ «هم» عليه أن يخوض معاركـ «هم» كلها ليس من باب أنصر اخيك ظالما أو مظلوما، بل من باب أن من يطعم فمك، يجب أن تستحي عيناك منه..
أما الثالثة وهي أهمهم، فقد تكتشف بعد فوات الأوان، أنك لم تعد تلزمـ «هم» فيتخلون عنك، وقد يرمونك عظما بعد أن أكلوك لحما، وفي كل الأحوال، عليك أن تختار وتدفع في النهاية تكاليف اختيارك، سواء كنت منهم أو منك!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة