الصورة مخجلة بحق؛ هكذا تفيد الإحصاءات والأرقام الخاصة بالعالم العربي في مجالات المعرفة والتعليم والثقافة. الفجوة المعرفية بيننا وبين العالم تعادل أكبر المحيطات. وفي المؤشرات العالمية، نقبع في ذيل القائمة.
لحظة تنوير كانت هي المناسبة لتذكر الصورة القاتمة، وأعني إطلاق منصة 'إدراك' للتعليم عبر الإنترنت من خلال مساقات جماعية إلكترونية مفتوحة المصادر، والمعروفة عالميا باسم 'موكس'.
تبنت مؤسسة الملكة رانيا العبدالله المبادرة الذكية، ورعت الملكة حفل تدشين المنصة يوم أمس.
ألقت الملكة كلمة مؤثرة في الحفل. لم تجامل في قول الحقيقة، ولم تحاول تجميل الواقع المأساوي. عرضت الصورة كما هي؛ أمة طويلة عريضة في الحضيض معرفيا وعلميا، وليس من سبيل أمامها للنهوض من دون ثورة تعليمية، تنفتح آفاق المعرفة أمام الملايين من الشباب العربي الطامح إلى حياة أفضل ومستقبل يليق به.
'إدراك' أول محاولة عربية للانتقال من مرحلة توصيف الأزمة الذي أبدعنا به، إلى مرحلة مواجهتها بحلول عملية ممكنة ومباشرة وقابلة للتطبيق، لا بل إنها دخلت حيز التطبيق فعلا؛ فقد سجل أكثر من 35 ألف شاب عربي في المساقات الأكاديمية التي تتيحها المنصة الإلكترونية 'إدراك'، فقط في الأسبوع الأول لفتح باب التسجيل. شباب من جميع الدول العربية تسابقوا لحجز مقاعد 'إلكترونية' لهم في جامعة مفتوحة، تقدم العلم لمن يريد.
توفر 'إدراك' الفرصة للالتحاق مجانا بمساقات نوعية تدرّس في جامعات عريقة، كجامعة هارفارد، وكاليفورنيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وتقدم 'إدراك' حزمة خدماتها العريضة مترجمة إلى اللغة العربية، إضافة إلى أنها تمنح الفرصة للخبراء العرب لتطوير مساقات جديدة باللغة العربية في مجالات العلوم والآداب. كما تتيح 'إدراك' الفرصة لأساتذة جامعيين عرب لاستخدامها في تدريس مساقات باللغة الإنجليزية.
إن أي عملية إصلاحية في دولنا العربية لا تضع التعليم على سلم أولوياتها لن يكتب لها النجاح. فما يعانيه عالمنا العربي من فشل وإخفاق في تخطي عقبات التحول إلى دول عصرية، حديثة ومتطورة، يعود في جوهره الأساس إلى حالة التخلف المعرفي والعلمي والثقافي التي تغرق فيها المجتمعات العربية. وإلا، بماذا نفسر ما حصل لنا في السنوات الأربع الماضية؟ لقد كنا قادرين على فعل كل شيء؛ التمرد على الحكام المستبدين، والنزول إلى الشوارع بالملايين، وقول 'لا' قوية ومدوية، وإسقاط الأنظمة، والاحتكام لأرقى أشكال الديمقراطية والمشاركة؛ صناديق الاقتراع. لكن شيئا واحدا كبيرا ومهماً لم نتمكن من تحقيقه، هو ببساطة التغيير، وسلوك طريق التقدم الذي سبقتنا إليه شعوب العالم من قبل.
لقد أثبتت تجربة السنوات القليلة الماضية أن الديمقراطية والتخلف لا يلتقيان. من دون معرفة وعلم يواكب التطور العالمي، لن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام. ومن دون أن نتقن مهارات المعرفة، ونؤمن بالتنوير، ونمسك بزمام التكنولوجيا، وننفتح على تجارب العالم المتقدم، فإنه يصعب علينا أن ننافس أو ننال حصة في السوق العالمية؛ إنتاجا ووظائف، وقبل ذلك احترام الآخرين وتقديرهم.
يبدع الشباب العربي فقط عندما يهاجرون طلبا للمعرفة في الغرب، ونخسر كل سنة الكثير منهم. لماذا لا نأتي بالمعرفة لطلبتنا في بلدانهم، ونمنحهم فرصة اكتساب المعرفة وهم بيننا، ونوظف هذه المعرفة لخدمة مجتمعاتنا ومستقبل أجيالنا؟
أمامنا طريق طويلة وشاقة قبل أن نلحق بالركب العالمي. منصة 'إدراك' تمنحنا فرصة الانطلاق في رحلة من أجل المعرفة؛ سر سعادة الشعوب وتقدمها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو