الجمعة 2024-12-13 08:08 م
 

إذا فقدت مالك فلا تفقدن عقلك

10:17 ص

يقول المثل البدوي «ان ضاع مالك لا يضيع عقلك« ، وهذا باختصار جواب لما جرى في العديد من مناطق المملكة خلال الأيام الماضية التي شهدت المملكة فيها مشاهد اضطرابات واحتجاجات تجاوزت الحرية الشخصية والمسؤولية الوطنية في التعبير المكفول دستورا وقانونا ومنطقا عن رفض قرار الحكومة الأخير برفع الأسعار ، وهذا القرار أنا شخصيا أرفضه بشده ، ولي فيه آراء ، ولكن هل يعني أن رفضنا لأي شيء أن نخرج كل ما لدينا من وقاحات وأحقاد وضغائن ، أو نفتعل المشاجرات أو نطلق الإشاعات ، ونطعن وطننا في خاصرته ، تلك لعمري أفك وقطع طريق وحرابة ، تتطلب العقوبة الأقسى .اضافة اعلان

الحال عندنا لا يسر ، ولكنه كذلك عند غيرنا ، فهاهم أبطال غزة يدفعون أرواحهم في سبيل قضية وطنهم ، أمام صلف واعتداء همجي بربري من الألة العسكرية الإسرائيلية ، يدعمها انحياز تام من دول العالم الأول المتمدن التي تدعو عالمنا الثالث الى عدم قمع المتظاهرين ، وتبرر للوحش الاسرائيلي افتراس لحوم ودماء الاطفال في غزة العزّة ، ثم أن الغزيين لم يخربوا بيوتهم بأيديهم ، بل سطروا بالأحمر القاني أسفار المجد ، ومارسوا حق الدفاع عن النفس بأقل ما ملكوا من قوة ومن رباط الصواريخ .
الحال أيضا عند الأوروبيين لا يسر ، فالبطالة أعلن عنها رسميا في منطقة اليورو ، وخطط التقشق تضرب في ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا وهي إسبانيا وجارتها البرتغال ، وقبلها في اليونان التي لم يستطع تحالفهم مع الاتحاد الأوروبي من الانهيار المتسارع للاقتصاد ، رغم المليارات التي ضخها الاتحاد لإنقاذ أثينا ، ومع هذا شهدنا اضطرابات في تلك البلدان ، واحتجاجات عمت البلاد كلها ، ومارس الشباب دورهم في رفض الخطط الحكومية في تخفيض الدعم عن الخدمات هناك ، ولكنهم لم يعتدوا على الأملاك الخاصة ولا المرافق العامة ولا مصالح الحكومة التي تخدم الشعب ، إلا في حالات نادرة لا تكاد تذكر .
الحال عندنا مختلف ، فلا « بكاّيات « على هذا البلد من خارجه ، ولا خطط بديلة لدى المسؤولين للخروج من أي مأزق طارىء ، ولا أذان مرهفة تسمع لمن أوجعه حب هذا التراب الذي لم يعتد تاريخيا على الغنى الفاحش ، ولا البطر ، ولا مظاهر الفشخرة ، ولا طبقة المسؤولين الأثرياء أو تجار الحكومات أو رجال الاعمال النواب ، ومع هذا لا أحد يخرج بمبادرة تهدف الى إخراجنا من عنق الزجاجة بأقل الخسائر ، فمن ربت وسمنت أكتافه من أموال الدولة أصيب بداء النوم ، ومن أزعج ليلنا الطويل بالزعيق والنعيق ،أصيب بإلتهاب الحنجرة بعدما فرغت أمامه « الطنجرة « ، ومن أفلت من العقاب نكاد نراه مغشيا عليه من الضحك علينا وعلى حالنا .
ما شهدناه في الأيام الماضية من انفلات أمني ، وتجاوز على القانون وتهديد أرواح المواطنيين الأبرياء ، وخروج للوحش المختبىء داخل أنفس كثير من البشر بيننا ، ينبىء عن خطر كبير يتعدى خطر الجوع حتى ، فلا وازع ديني ، ولا رادع أمني وقانوني ، لذا ظن البعض أن الأمور فلتت ، واستغلها لممارسة هوايته بالسلب والنهب والاعتداء على حرمات وأموال الناس ، والأموال العامة ، وكأن ما ينقصنا أن يزيد عدد اللصوص الذين أوصلونا الى ما نحن عليه عشرة أو مائة أو أكثر .
تموت الحرة ولا تأكل بثدييها ، لذا فإن هذا الوطن وطننا نحن ، وهذه الدولة دولتنا نحن ، واللصوص لو تربعوا على عرش المناصب وجمعوا الملايين من النقد والأملاك فسيبقون لصوصا وتاريخهم معروف ، ولكن الشريف وإن جاع لا يسرق ولا يعتدي ، وسيأتي الوقت المناسب ليحاسب كل من سرق المال العام أو اعتدى على حرمات الناس أو خان وطنه شر حساب طال الزمن أو قصرّ .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة