لا يحتاج المرء إلى الكثير من الذكاء، لكي يكتشف سياق زيارة خالد مشعل إلى غزة؛ تكفي ملاحظة أن الزيارة تمت برضا إسرائيل التي رفضت، بالمقابل، منح الأمان لرمضان عبدالله شلّح، زعيم 'الجهاد الإسلامي' الذي ما يزال حليفا لإيران. شلّح يشعر الآن بالمرارة ؛ فقد تم استخدامه لإضفاء الشرعية على صفقة التهدئة في غزة، ثم جرى استبعاده من المشاركة في حصد ثمارها، ذلك أنه لم يندرج بعد في ائتلاف الدوحة.
بينما كان مشعل وهنية يعلنان للجماهير التمسك بالثوابت ، كانت ـ وما تزال ـ تجري مفاوضات ثنائية ' منتظمة' بين حماس وحكومة نتنياهو التي ' غيّرت ـ حسب صحيفة يديعوت أحرونوت ـ سياستها تجاه قطاع غزة ، فلم تعد تسعى إلى إسقاط حماس، بل صارت معنية بمنح سلطة الحركة قوة كي تحافظ على الهدوء، وكي تدفعها إلى التحالف السني المعادي لإيران المؤلف من مصر وقطر وتركيا '.
وهذه هي كلمة السر في المشهد كله؛ ليس مهما ما قاله مشعل حول فلسطين والبحر والنهر الخ بل ما حدده بدقة ووضوح، في سياق كلام ملتبس عن استقلالية حماس، أكّد ' لم نكن تَبعاً لسورية وإيران في الماضي، ولسنا اليوم تبعا لمصر وقطر وتركيا. ولكن هم معنا ونحن معهم'. انتهى. هذا هو المطلوب؛ حماس مستقلة دائما، كانت كذلك حين كانت في معسكر المقاومة، وما زالت كذلك، حين انتقلت إلى المعسكر المضاد!
حققت المفاوضات الإسرائيلية الحمساوية ،انجازات جدية في الجانب الأمني ـ لم يكشف النقاب عنها كلها سوى التعهد بوقف ' الأعمال العدائية' ـ لكن الصحيفة الإسرائيلية كشفت عن الانجازات الأخرى، ومنها تسهيلات في عمليات الاستيراد والتصدير وتصاريح العمل وتوسيع رقعة شريط الصيد والتخلي عن الشريط الحدودي الفاصل بين إسرائيل والقطاع من بين تسهيلات عديدة أخرى.
في مقابل شهر العسل بين اسرائيل وحماس، تتنمّر حكومة نتنياهو على السلطة الفلسطينية في رام الله، وتواصل تجميد 450 مليون شيكل من أموال الضرائب الفلسطينية التي يجبيها الإسرائيليون، وتشن حملة على الرئيس محمود عباس بسبب إقدامه على الذهاب إلى الأمم المتحدة ونيله اعترافا بالدولة الفلسطينية على أراضي ال67. إن هذه الخطوة الرمزية تُغضب إسرائيل لأنها تتعارض مع استراتيجيتها القائمة على توطيد وضع غزة كدولة منفصلة، برعاية مصرية، تمهيدا لضم 44 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، ومعالجة أوضاع المناطق الباقية والسكان من خلال علاقة لم تتبلور ملامحها بعد مع الأردن.
وفي تحدّ لهذه الاستراتيجية الإسرائيلية، قام الملك عبدالله الثاني بـ 'زيارة دولة' إلى رام الله، يكتسب طابعها البروتوكولي، هذه المرة، مضمونا سياسيا بالغ الدلالة. للأردن مصلحة استراتيجية بقيام دولة فلسطينية مستقلة مركزها الضفة الغربية، وعاصمتها القدس؛ وبخلاف ذلك سوف يدفع الأردنيون، الثمن.
على هذه الخلفية بالذات، يجب أن نفهم ما يلي: (1) صراع الإخوان المسلمين مع الدولة الأردنية؛ فهذا الصراع لا يقوم على أسس محلية قابلة للتسوية، بل يجري في سياق إقليمي، (2) الضغوط الخليجية على الأردن، (3) الحملة الغربية على النظام الأردني . وهي حملة لا تتعلق بتعثر الإصلاحات، ولكن بمسعى إجبار المملكة على التدخل في سورية والانخراط في سيناريو الكونفدرالية مع الضفة. وترفض عمان المطلبين، ما يُضعف علاقاتها مع حلفائها التقليديين، بينما لا تزال عاجزة عن إقامة تحالفات إقليمية ودولية جديدة، تسعفها في مواجهة استحقاق الدفاع عن الكيان الوطني .
[email protected]
ناهض حتر
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو