الإثنين 2024-12-16 02:21 ص
 

إصرار على تمرير تعيينات فايز الطراونة و"محاسيبه"

01:52 م

كتب: محمد المستريحي
كتبنا فيما نكتب عنه في هذا المقال أكثر من مرة، وإصرارنا على التكرار، لأننا لمسنا أن مبدأ تكافؤ الفرص مبدءاً نظرياً ليس له تطبيق على أرض الواقع، وأصبح موضوع تندُّر وسخرية مِن المواطنين، ناهيك عن تولد الشعور بالظلم، ومِن المعروف أن الشعور بالظلم هو أحد أسباب تقويض المجتمع والدولة.. لذا على أصحاب القرار أن يتيقنوا أن الأمر لن يمر هكذا دون تبعات لا تُحمد عواقبها.

اضافة اعلان

معلوماتنا تؤكد أن النية تتجه إلى 'تمشية' تعيينات المناصب العليا في مؤسسة الضمان الإجتماعي ووزارة التنمية الإجتماعية والمجلس الأعلى للشباب، بطريقة سلسلة ودون إحداث ضجة، وذلك بالمراهنة على عامل الوقت، إستناداً إلى أن الحديث عن هذه التعيينات سيخفت مع ما تشهده الساحة مِن صخب وخلط للأوراق سواء من ناحية 'معمعة' التسجيل للإنتخابات أو إلهاء الحراك الشعبي بالمطالبة بالإفراج عن معتقلي الحراك، أو المسيرات المنددة بالفيلم الذي يسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى إلتهاء الإعلام بقانون المواقع الإلكترونية وبرحيل مجلس النواب وحكومة فايز الطراونة.

وهناك معلومات أخرى تشير إلى أن موظفين كبار في الديوان الملكي، وبعضهم كان لهم يد وتدخل في هذه التعيينات، يحاولون تمرير مصادقة الملك على القرارات بشكل 'سلس'، حتى لو تأخر الأمر لبعض الوقت، وذريعتهم في هذا، أن قرار الحكومة بهذا الخصوص هو قرار إداري ومِن صلاحيات مجلس الوزراء، ومصادقة الملك على القرار هو إجراء روتيني ولا يستدعي تدخلاً مباشراً للتدقيق فيه، كما أنهم يتذرعون بأن تدخل الملك ناحية إلغاء القرار مِن شأنه تقوية 'شوكة' المعارضة والحراك الشعبي، كما حدث عندما تدخل الملك بقرار رفع أسعار المحروقات، حيث خرجت مجموعات مِن الحراك ومنهم الإسلاميين، يهتفون بشعارات 'إحنا بنجمد قرارات'.

هذا ما وردنا من معلومات نوردها ليتبين للناس أن الإصرار على هذه التعيينات ما زال في محله، وأن المَعَنيين بها يستخدمون كل السبل ويلجأون لكل الذرائع لغايات مصادقة الملك عليها، دون أن يفكروا في النتائج المدمرة لمثل هكذا نهج على المجتمع والدولة بشكل عام

وهنا يكون الرد المنطقي على كل هذه المحاولات، أننا نرفض هذا النهج، ليس لأننا ضد تولي أبناء وأنسباء وأصدقاء و'محاسيب' المسؤولين أي منصب، لكننا ضد أن يصبح شغل المواقع في الوظائف العليا ليس لأكفأ الأشخاص ولا أنسبهم، بل للأكثر حظوة، وهذا مِن شأنه أن يُشيع روح الكراهية والبغض والحقد في المجتمع الواحد، ويدفع بالعديد مِن المواطين الى اليأس والإحباط لعدم إمكان حصولهم على حقوقهم أو حصول غيرهم على هذه الحقوق، ومِن شأنه أيضاً أن بعض 'ممن لهم واسطة' سيشعرون أنهم يتمتعون بحقوق المواطنه ولا يلزمون بواجباتها. كما يُكرّس ظاهرة الاستقواء بأصحاب النفوذ بدلاً مِن الإستقواء بالقانون.

نتطلع إلى أن يصبح الأردن دولة مؤسسات ودولة قانون، وبالتالي تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، ولكن من أهم العقبات التي تعيق الوصول الى دولة المؤسسات والقانون، عقبة 'الواسطة' تساندها 'المحسوبية' ويُكرّسها نفاق ورياء اجتماعي.. لذا نخشى أن تكون السيادة لـ'الواسطة' اذا لم يتم مكافحتها. وهنا يأتي دور هيئة مكافحة الفساد، حيث تضمَّن قانون الهيئة رقم 62 لسنة 2006 أحكاماً تُجرِّم أحد أشكال الواسطة والمحسوبية، حيث نصت المادة 4/ب من القانون على 'الكشف عن مواطن الفساد بجميع أشكاله بما في ذلك الفساد المالي والإداري والواسطة والمحسوبية اذا شكلت اعتداء على حقوق الغير حفاظاً على المال العام'. وجاء في نفس المادة 4/ج 'توفير مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة'. أما المادة 5/و مِن القانون فقد نصت حرفياً 'قبول الواسطة والمحسوبية التي تلغي حقاً أو تحق باطلاً'.

نختم بالتأكيد على وجوب أن يكون اختيار موظفي المناصب العليا على أساس الكفاءة والنزاهة والولاء للدولة فقط، دون غيرها من العوامل والإعتبارات.. ويبقى السؤال المطروح: الذين تعيينهم أساساً عن طريق الواسطة، كيف يمكن لهم أن برفضوا الواسطة أثناء إشغالهم لمناصبهم؟!.. إن إبقاء الحال على ما هو عليه هو الدوران في حلقة مفرغة.

محمد المستريحي
[email protected]



 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة