السبت 2024-12-14 12:40 م
 

اثرت الصمت يا دولة الرئيس

03:39 م

عندما يخذل الإنسان يخرج عن صمته يادولة الرئيس

آثرت الصمت وعدم الكتابة لفترة طويلة، حيال ما يدور في المجتمع من قضايا عامة تهم المواطن، وتمس مستقبل هذا الوطن المسكين الذي علقت على شماعة ' الوطنية' فيه المصالح الخاصة للكثير من كبار رجالات السياسة، ويا ليتني لم أعرف الكثير منهم على حقيقتهم كي يبقى تصوري عنهم بأنهم رجال وطن ووطنيون ، لكن شاء القدر أن أعمل لفترة وجيزة في العمل العام، قبل أن أعود لعملي السابق والمفضل وهو العمل الأكاديمي الجامعي.

اضافة اعلان

آثرت الصمت لا لأني لا أجيد الكتابة، ولو كان ذلك لما اصبحت استاذا في الحكومات وانتجت عشرات الكتب والأبحاث، لا بل لأني خشيت أن يقول البعض أنني طامح في الشهرة والحصول على المناصب السياسية، ولأن الأمل كان يحدوني أن نوفق برجال دولة ذو مبادىء يديرون دفة الحكم وفقا لتوجيهات الكتب الملكية السامية،ويضعون مصلحة الوطن فوق كل إعتبار -حتى فوق مصالحهم ومكاسبهم الفردية- ، رجال دولة متبوعين لا تابعين يحاربون الفساد، ويعيدون توزيع الثروة بطريقة عادلة على كافة أفراد الشعب، يقفون على مسافة واحدة من جميع المواطنيين، سواء أكان ذلك في تعيينات المناصب الوظيفية المتقدمة منها أوالعادية، بعيدا عن أي تحيز أو محسوبية أو حسابات مصلحية أيا كانت، بخلاف ما اعتادته الحكومات السابقة.

ان محاسبة الفاسدين وتوفير عيش كريم لأفراد الشعب والتعامل معه بكافة شرائحه المتنوعة بعدالة ، هو الضمانة لبناء وتعزيز الثقة بالحكومة، ومن ذلك تنبع شرعية أية حكومة كانت، -وذلك في حالة ما اذا كان الشعب هو صاحب السيادة وفقا لما ينصه الدستور الأردني، ووفقا لما يراه قدامى الفلاسفة على شتى عروقهم كالفيلسوف الصيني كونفوشيس واليوناني افلاطون- وإذا ما انفقدت ثقة الشعب بحكوماته فقدت تلك الحكومات شرعيتها.

ومما حداني للخروج عن صمتي ذلك والكتابة في هذا الموضوع ، أنني وقبل فترة وجيزة جدا شاهدت برنامجا تلفزيونيا بعنوان 'نبض البلد ' على قناة رؤيا الأردنية ، في حوار مع رجل سياسي ووزير سابق، طرحت من خلاله العديد من المواضيع السياسية بجرأة كبيرة، ومن بين اهم تلك المواضيع التي تناولها ضيف الحلقة بجرأة واضحة كانت تتمحور حول قانون الإنتخاب والإنتخابات النيابية السابقة، وأداء مجلس النواب الذي كان هو عضوا فيه، حيث تطابقت آراء الضيف حول تلك المواضيع مع مواقفه خلال العام ونيف الماضية من عمله النيابي في مجلس النواب، سواء أكان ذلك بتصويته ضد قانون الانتخاب الحالي، أم بامتناعه عن منح الثقة الحكومات التي تشكلت خلال مدة المجلس المنحل ، وذلك تحت ذريعة عدم وضوح رؤيا تلك الحكومات ،- ما تفكر به الحكومات، وكيف ستنفذ ما تفكر به أو تقوله-....الخ- وفقا لما ورد على لسانه، ولا أريد أن أدخل بتفاصيل ما تحدث به أثناء اللقاء ، محاولا اقناع المشاهد الأردني بمواقفه حيال تلك القضايا ، انطلاقا من كونها مواقفا وطنية تنبع من حرصه على مصلحة الوطن، ومن واجب مصداقيته تجاه الناخب الذي منحه ثقة صوته، الا أنني وفي سياق مقالي هذاسأكتفي بتسليط الضوء على اهم ما ورد في حديثه من نقاط تتلخص بالآتي:
1- حجبه الثقة عن حكومة دولة فايز الطراونه لأنها 'لم تكن واضحة في كثير من قرارتها، ومنها على سبيل المثال الإنتخابات البلدية وتحديد موعدها، وعدم البت في مصير عشرات البلديات التي طالبت بالإنفصال عن بلديات أخرى'.
2- قانون الإنتخاب الذي كان يعتقد بأنه لا يمكن أن يفرز مجلسا يمثل المواطن تمثيلا حقيقيا، 'وغير قادر على تحمل مسؤولية الإصلاح'.
3- أكد على أن الإنتخابات النيابية التي جاء هو إلى المجلس من خلالها 'كانت مزورة'، مدعيا أن الحكومة بأجهزتها المختلفة قامت بعملية التزوير، 'وانه يمتلك الأدلة والحقائق على عملية التزوير تلك'، ومؤكدا على ما ادعى به معالي النائب السابق سعد هايل السرور أثناء مداخلة قدمها على القناة ذاتها، بأن الانتخابات النيابية كانت مزورة.
4- قال بضرورة أن يكون دولة رئيس الحكومة متبوعا لا تابعا، وصاحب القرار في حكومته كونه يتحمل المسؤولية الدستورية عن قرارات تلك الحكومة، والتي هي مسؤولية فردية وتضامنية في آن واحد.
5- أكد على الأداء الضعيف جدا وغير اللائق بمجلس نواب الأمة، واتهم الكثير من زملائه النواب بوقوعهم ضحية تاثير الحكومة وضغوطاتها عليهم، وتوجيه قراراتهم تحت القبة.

هذه بعض من النقاط الكثيرة التي تناولها معالي الوزير السابق، بأيام قليلة قبل تسلمه مركز قيادة الحكومة الجديدة خلفا لحكومة دولة فايز الطراونه التي لم يمنحها الثقة وطالها بالنقد؛ وقد كانت مواقفه تلك مدغدغة لعواطف الأردنيين وممثلة لطموحاتهم.
وحيال هذه النقاط وغيرها يجري حوار الشارع الأردني من أفراد ومعارضة على حد سواء ، والذي يمكننا تلخيصه من خلال عدد من الأسئلة نطرحها على دولة رئيس الوزراء الحالي، كونه شخصية عامة تتحمل مسؤولية دستورية تجاه إدارة مصالح الشعب العامة ، على أمل الإجابة والتوضيح، وعل وعسى أن يعيد ثقة الجمهور ويمحو خيبة املنا، وهذه الأسئلة تتلخص بما يلي:
1- هل ستكون رؤية هذه الحكومة واضحة وشفافة حيال الكثير من القضايا والقرارات وتحديدا البت في موضوع البلديات المطالبة في الانفصال عن البلديات الكبيرة؟ وهل سيتخذ دولة الرئيس قرارا بتحديد موعدا للانتخابات البلدية التي هي في واقع الأمر استحقاقا قانونيا؟
2- لطالما كان موقف دولة الرئيس ناقدا لسياسات الحكومة السابقة، فكيف يعيد تنسيب الغالبية الساحقة من وزرائها ليعملوا معه في حكومته الجديدة ؟
3- هل سيقوم دولة الرئيس بتحويل اللذين زوروا الانتخابات السابقة الى القضاء حيث أنه ادعى بأن' لديه الأدلة والحقائق على تزويرها'؟
4- لماذا يقبل دولة الرئيس على نفسه أن يدير انتخابات نيابية بموجب قانون انتخاب غير مقتنع به، وصوت ضده في مجلس النواب ، وهاجمه صراحة و علنا في لقائه مع قناة رؤيا؟
5- هل سيكون دولة الرئيس متبوعا أم سيكون تابعا؟
6- هل بمقدور دولة الرئيس انقاذ الوضع الاقتصادي في الأردن؟ خاصة وأن المديونية قد تجاوزت 22.1 مليار دولار، وأن الدين العام إلى الناتج القومي قد وصل إلى 66.0% حتى نهاية آب للعام الحالي 2012؟
7- وهل بمقدوره أن يكافح الفساد ، ويحارب الفاسدين ويقطع دابرهم؟ وهل بمقدوره أن يقف بوجه الاخطبوطات والمتنفذين؟

وأخيرا ، أود أن اقول أن معظم الشعب الأردني غير طامح لمنصب أو ظمانا للمناكفة مع الحكومات، أو التعبير عن رأيه في الشارع ، بل انه لا يطمح سوى لعيش كريم ، وأمن اجتماعي، ولا يأمل سوى بمكافحة حقيقية وجادة للفساد والفاسدين اللذين نهبوا ثروات الوطن ومقدراته ، والمؤشرات الدالة عليهم كثيرة، ومن بعد ذلك افعلوا ايها السياسيون ما تشاؤون، وما تريدون ؟؟؟؟؟؟

الاستاذ الدكتور عبد المجيد علي العزام -وزير ونائب سابق
[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة