احذروا التملمُل

يجلس الأردنيون مع بعضهم وفي عيونهم بقايا دموع ..تسأل أحدهم: كيفك ؟ يجيبك : ماشي ..وقد كان قبلاً يقول لك : الحمد لله تمام ..! صرتُ أستحي أسأل أحداً عن صحته لأنه من المحتمل جدّاً أن يفتح لك حديثاً مليئاً بالشكوى و التذمر ..مليئاً بالآهات ..مليئاً بأسئلة لا إجابات عنها لديّ..!

يجلس الأردنيون تائهين ..آثار القهر في وجوههم ..علامات السرحان تبدو واضحةً على سُمرتهم ..أفاعيل الحكومات محفورة على جباههم ..فأعمارهم تبدو أكبر من حقيقتها ..ولهاثهم يتصاعد مع كلّ نفس مع أنهم في عزّ شبابهم ..لو نظرتَ بعمق إليهم لأدركتَ أن القوم يسكنهم الخوف و يعتليهم الكبرياء المجروحة..!

الأردنيون يتغيّرون ..لا ينكر ذلك إلا من أراد أن تعمى الأبصار ..ويريد أن يجعل الحياة تمشي كلاماً في كلام ..ولا يريد أن يعيش الأردنيون الحياة بانسجام مع طبيعة تكوينهم ..فالفقر و الجوع و الحاجة ؛ تذلّ و تجعل الذي لا يركع؛ يركع ..! الحياة أصبحت قاسية ..والأردني الذي يعيش (يوماً بيوم) ..والذي كان دوماً يتغنّى بـ (ع السبحانيّة) ..تخربطت عيارته و تلخبطت عباراته ..وصار يبحث عن حضنٍ دافئ يبكي على صدره ..!

أعلم أن ما يمر به الأردنيون من ظروف تمر به شعوب كثيرة أخرى ..ولكنّ المعطيات تختلف ..فالأردنيون يشعرون بأنهم يدفعون ثمن الفساد الذي لم يقترفوه ..يدفعون ثمن بعض الكبار الذين تغوّلوا على مقدرات الوطن ..يدفعون ثمن وقوفهم مع ترابهم في اللحظات الصعبة ..! الأردنيون لم يخذلوكم في لحظة حاجتكم إليهم ؛ فلماذا تخذلونهم لحظة حاجتهم إليكم ..ودائماً يتكرر الخذلان ..؟!.

اقولها و أنا المراقبُ لهم و اللصيقُ بهم و المُعاني معهم : احذروا التململ ..و الناس تتململ يا سادة ..بل تجاوزت التململ ..وإني لأخاف ما سيكون بعد هذا التوهان ..! أخاف من شرٍّ مستطير لا يوقفه كلامٌ طيّب ولا حلول عرجاء ..!

اعيدوا للاردنيين بهجتهم ..اعيدوا لهم خارطة طريق فخرهم و عزّهم ..أعيدوهم للحياة كي تحتفل بكم الحياة ..!