كلما ظهرت أزمة متفاقمة على صعيد مجلس النواب، سواءً في أسلوب الحوار أو في مستويات الكفاءة والأداء في التعامل مع القضايا الوطنية، أو في مدى القدرة على تحمل مسؤولية حماية الحق العام، لا بد من السؤال عن العملية التعليمية والتربوية ومخرجاتها وقدرتها على بناء الجيل ورجال السياسة.
كلما وقع ناظرك على سلوكات اجتماعية غريبة في الشارع العام وفي أسلوب قيادة المركبات، وترى من يرتكب مخالفة قاتلة تكاد تودي بالأرواح ومع ذلك لم يتوقف عن الحديث عبر الهاتف الخلوي على أذنه، ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار، عليك أن تسأل عن التعليم مرة أخرى.
إذا رأيت سائق المركبة التي أمامك يرمي القاذورات والنفايات والمناديل المستعملة من نافذة السيارة في الشوارع والساحات العامة، فعليك أن تسأل عن التعليم الذي أنتج هذه النوعية وهذا المستوى من الانتماء للوطن والانتماء لعالم القيم.
إذا رأيت أو سمعت أن هناك تجاراً وأصحاب شركات يتاجرون بالأغذية الفاسدة، أو يعمدون إلى التحايل على القوانين والأنظمة، وبعضهم من يعمد إلى تغيير 'الماركات' وبعضهم يلجأ إلى تغيير تاريخ الانتهاء، فعليك أن تسأل عن التعليم والتربية.
عندما تستفحل الأزمة الاقتصادية، ويزداد العجز في الموازنة، وتزداد أرقام المديونية بشكل جنوني وتقل قيم الانتاج وتزداد مساحة الفقر وتزداد أعداد العاطلين عن العمل، فهذا يعني أن المسؤولين عن هذه الملفات عاجزون عن إدارتها بطريقة سليمة وليسوا بتلك الكفاءة التي تؤهلهم لإيجاد الحلول المناسبة، فهذا يمثل نتيجة ضمنية من نتائج التعليم المتردي والمترهل.
عندما يعيد الناس انتخاب النائب الفاسد، وعندما يتم انتخاب البلطجي أو صاحب الفلوس، من أولئك الذين لا يحملون فكراً سياسياً ولا برنامجاً عملياً، وإنما جاء وفقاً لمعايير القرابة والنسب أو العشيرة أو الشللية أو عن طريق شراء الذمم، فهذا يعني أن البلاء عام ومنتشر، وأن مستقبل البلاد والعباد مهدد بكل تأكيد، وهنا يجب السؤال عن التعليم مرة أخرى أيضاً ودوره في إيجاد هذه الثقافة البائسة.
عندما يتم تعميق التعصب المقيت للجهة او للفئة، او العرق أو الدين أو المذهب، ويصبح ذلك منهجاً معلناً لكسب الأصوات، ويتم تجميع الناس بطريقة غرائزية، فهذا يعني السقوط في الهاوية، ويعني تعميق المأساة، وهنا أيضا يجب السؤال عن التعليم.
عندما يتم تغييب العقل، والابتعاد عن المنهج العلمي في التفكير وعندما يتم اتباع منهج التلقين، وفرض الاراء، والاعتداء على إنسانية الانسان وكرامته وآدميته، وتحويله الى مجرد كائن متلق ينتظر التوجيهات الفوقية ويستغرق في التقليد الأعمى، فهذا يعني أن المستقبل كله في خطر وعند ذلك يجب السؤال عن التعليم والمناهج مرة أخرى.
عندما يصبح الانسان راضياً بالظلم، ساكتاً على الضيم خانعاً ذليلاً، لا يسعى لاستعادة حقوقه المغصوبة، ولا لاسترجاع حريته المفقودة وكرامته المهدورة، لا يجرؤ على قول الحق ولا يقوى على المجاهرة برأيه، ويميل نحو المداهنة والمجاملة على حساب المصلحة العامة، فيجب إعادة النظر في العملية التعليمية والتربوية برمتها، ويجب العمل الفوري على إيجاد المناهج التي تزيل العطب وتصلح الخلل في البناء الانساني من جديد.
لا مجال للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي المنشود إلاّ من خلال اصلاح الانسان وإعادة بناء الجيل، صحيح العقل، سليم التفكير، صالح الوجدان، مكتمل الجسم، عميق الانتماء لوطنه وأمته وثقافته وهويته الحضارية، مرتفع الكفاءة يملك ناصية العلم والمعرفة ومدرب ومؤهل لممارسة دوره، ويتقن تخصصه، ومليء بالثقة ويتصف بالشجاعة والجرأة بقول الحق الممزوج بالأدب واحترام الذات وحسن الخلق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو