هل ما فعلناه حتى الان يتناسب مع طموحات الاردنيين ويردّ حيرتهم ويطمئنهم بانهم انجزوا وحققوا ما يستحقونه ، وبأن بلدهم الذي ظل صامدا في مواجهة العواصف التي اجتاحت عالمنا العربي سيكون قادرا على مواجهة التحديات المتوقعة القادمة؟
هذا السؤال استدعته ثلاثة مستجدات داهمتنا خلال الاسابيع الماضية ، الاولى ما افرزته الانتخابات البرلمانية من نتائج شكلت خارطة البرلمان الجديد ، وفيها شارك الاخوان المسلمون بعد مقاطعتهم لدورتين انتخابيتين كما شاركت كل الاحزاب والقوى السياسية فيما كانت المشاركة الشعبية متواضعة وخاصة في المدن الكبرى ، المسألة الثانية ما جرى بعد ذلك من اعادة تشكيل الحكومة والابقاء على رئيسها ومعظم الوزراء بدون تغيير ثم اعادة تشكيل مجلس الاعيان ، اما المسألة الثالثة في ما شهدناه من احداث وسجالات انتهت الى اصدار الملك للورقة النقاشية حول الدولة المدنية وتكليف لجنة خاصة بمراجعة اوضاع القضاء واصلاحه .
اذا اضفنا لهذه المستجدات ما يجري حولنا من تصاعد لحالة الصراع واحتدام الحروب والمواجهات ، خاصة في سوريا والعراق ، والتهديدات المتوقعة من “الحرب” على داعش واقتراب افول نجمها وما يمكن ان يطرأ على نفوذها من تحولات ، ثم اضفنا الاشتباك الدولي على المنطقة واقتراب مرحلة تقسيم الغنائم بين الكبار الدوليين والاقليميين ، فان الاجابة على السؤال الذي طرحناه يبدو وجيها وضروريا في آن معا.
لا اريد ان اتوقف امام الهواجس والمخاوف التي تتردد في صالونات النخب السياسية ، وهي مشروعة ومحقة احيانا ، كما انني لا املك اجابة واضحة او تقدير للموقف السياسي العام في بلدنا ، لكنني استطيع ان اقول ان حركة السياسة في بلدنا ما زالت مجهولة ، كما ان “موت” المعارضة بعد نجاح محاولات احتوائها اضر بحيوية المجتمع وانعكس سلبا على اداء الدولة ، يمكن ان اضيف ايضا اننا لم نغادر بعد نقطة اللايقين السياسي لاسباب قد تبدو غير مفهومة احيانا ، والاهم من ذلك ان ثقة الناس بمؤسساتهم ونخبهم تراجعت ،فيما لا تزال الاخطار الداخلية (الاقتصادية تحديدا) تتصاعد ، وفرص الامل والفرج تتضاءل.
يمكن ان اقول هنا بشكل عام فيما يتعلق بالملف الداخلي الذي يشكل “مركزا” لحصانة الدولة وتمتين جدرانها لمواجهة اي خطر: اذا كنا نريد ان نسير على طريق السلامة يفترض أن نتعامل مع قضايانا وانجازاتنا بمنطق القناعات لا بمنطق الاحتفاءات، ويفترض أن نزنها بمكيال العدل لا بكميال المزاج، واذا اتفقنا على ذلك فان ما حصل في الاسابيع الماضية ، يشكل الحد الادنى لما يجب أن نفعله لكي نقدم تجربة جديدة في الحكم تنقلنا من دائرة الشك الى اليقين، ومن اطار القيم النظرية الى البرامج العملية، ومن نقطة الحماس الى الاختصاص والاخلاص، وهذا كله لا يعتمد على سلامة النوايا فقط، وانما على حجم ارادتنا في الخروج من أزماتنا الى حلول مقنعة وعملية، ومقررات سريعة وحازمة، وتفاهمات تضع حداً للجدل وتراشق الاتهامات والصراع على الماضي والراهن لصناعة اصلاح حقيقي يستحقه الاردنيون، ويصرون على تحقيقه بأقل ما يمكن من خسارات.
الاصلاح المطلوب في يفترض ان يكون مشروعا للتحديث لا مجرد محاولة للتحسين والتزيين وطلاء الجدران ، ويجب ان يؤسس لمرحلة من التقويم والنقد والحراك المجتمعي لا للتسليم بالواقع والمحاصصة وتقليب المصالح والمواقع وفق المعادلات القائمة ، وهو ذلك يحتاج الى مصلحين و سياسيين جدد ونخب حقيقية ومناهج وبرامج سياسية ، والى قيم وطنية وسياسية واجتماعية تتجاوز ما ألفناه من قيم الشطارة واعراف البزنس ومقولات الجغرافيا واعتبارات المكافأة والترضية ومبررات تقديم اصحاب الحظوة على اصحاب الكفاءة.
نريد أن نصحح اخطاءنا، ونريد أن نخرج من معمعة الازمات التي أربكتنا، ونريد أن نعترف بأن تجربتنا التي مرّت كانت مليئة بصور القصور والتجاوزات، وبأن ما نفعله الآن هو جزء من التصحيح أو ترميم المشهد ، لكن المهم ان يكون هذا التصحيح جدياً هذه المرة، وان يكون الترميم بناء وليس مجرد طلاء، وان يكون نابعاً من ايمانناً بحق الناس في الاصلاح لا لمجرد تطمينهم عليه.
مهم بالطبع أن نصحح أخطاء مرحلة مضت، لكن الاهم هو أن نتقدم على طريق التصحيح الى الاصلاح والتغيير، وأن نخطو الى الأمام بخطوات جديدة تضعنا على سكة الانطلاق نحو تجارب محصنة من الممارسات الخاطئة والتجاوزات الضارة والمقررات التي لا تخضع للمحاسبة والمساءلة وموازين العدالة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو