اشترِ مقعدك

في المناسبات الرياضية الكبرى، او الاحتفالات المهمة يجرى حجز للمقاعد سواء بمالك أو نظراً لمكانتك، فإن كنت صاحب مال اشتريت التذكرة باكراً فيحجز لك مقعد حسب مالك الذي تدفعه وفي الدرجة التي تتناسب مع مالك، وان كنت صاحب جاه ومركز جرى حجز مقعدك بما يتناسب مع جاهك ومركزك. وأما إن لم تكن لا من هؤلاء ولا من هؤلاء فعليك ان تقاسي ما تقاسي. وتعاني ما تعاني والسؤال هل خطر ببالك اجتماع الناس يوم القيامة ؟ هل خطر ببالك ذلك الازدحام الشديد؟وتدافع الناس، وحرّ الشمس يلهب أجسادهم، وطول الانتظار قد مزّق أفئدتهم، وانتظار المصير قد شتت أذهانهم، وغضب الجبار قد جفت منه عروقهم، وعطش الوقوف قد جفت منه حلوقهم؟ هل خطر ببالك أين سيكون موقفك يومها لا مقعدك؟ اذ لا مقعد يريحك ويؤمنك؟ لم لا تمتع نفسك يومها بدلاً من أن تهينها وانت قادر على أن تفعل؟ لم لا تتوجه اليوم لشراء تذكرة لا للدرجة الاولى ولا للمقصورة بل تشتري تذكرة لتكون في ظل عرش الرحمن، وضيافة الكريم، وعناية ملائكية لم تر قبلها قط ولم يحظ أحد بمثلها في طول دنياك التي عشتها، وتسألني كيف؟ والخبر الصادق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. وإذا كنت في ظل الله تعالى فلا تتخيل ظل الدنيا بل تخيل الضيافة الربانية التي ستحظى بها، تخيل ما يتحدث عنه الناس من ضيافة الفنادق ذات النجوم الخمسة، تخيل ضيافة القصور الفخمة ثم قل فكيف تكون ضيافة ملك الملوك سبحانه!! إن حصولك على مقعد في ذلك المكان المترف سهل ميسور. وما عليك إلا أن تختار أن تكون فيه أو لا تكون، العبرة أن تختار انت ما يناسبك: ( امام عادل) و ( شاب نشأ في عبادة الله) و (رجل قلبه معلق بالمساجد) و (رجلان تحابا في الله) و (رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) و (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) و (رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: اني اخاف الله رب العالمين) هذه وسائل الحجز لذلك المقعد، وانت تنظر فيها سترى أن منها طرقاً قد فاتتك كأن تنشأ في طاعة الله ومنها لا يتناسب معك كالامام العادل ومنها ما لم نتعرّض له ولكن ألا تستطيع أن تبحث عن شخص يكون بينك وبينه محبة الله ! أو ان تتصدق بصدقة في سرك لا يعلمها إلا الله تعالى! إنها طرق لتكرم نفسك عند ذلك الوقف الذي ليس فيه عظيم إلا الله تعالى، وليس فيه محترم إلا من احترم نفسه. وصان ذاته. عندها تتجلى الامور على حقائقها. وتظهر النفوس بغير زيف ولا تزيين هنالك حيث العدالة المطلقة وحيث لا يقّدمك إلا عملك، ولا يؤخرك إلا ذنبك . في ضيافة الكريم واستقبال الرحيم. حيث النعيم الدائم .. اشتر مقعدك .