الجمعة 2024-12-13 09:52 ص
 

الأردني الذي يبكي ساخرًا

08:02 ص

حين ابتدأتُ مسيرتي الساخرة قبل 13 سنة وشحطة؛ كنتُ في قمة ألمي ..كان الإحباط قد أكل منّي وأخذ خبزه من أكتافي وغمّس به من أركان قلبي ..كنتُ موجوعاً إلى الحدّ الذي لم يشعر بي إلاّ المقرّبون منّي..وقليلٌ منهم كانوا يدركون أن سخريتي وضحكي ونطنطتي ما هي إلاّ تعبيرٌ جاد عن حالتي التي يتصاعد فيها الوجع..!

اضافة اعلان


كنتُ في كلّ مقابلاتي و لقاءاتي الاعلاميّة أقول إجابة واحدة عن سؤال كان يطاردني في كل مرّة : ما تفسيرك لسخرية الشعب الأردني ؟ والاجابة هي : إنه الألم ..وإذا توسّعت السخرية فيكون الألم قد توسّع قبلها ..فهما صنوان لا يفترقان في زمن يفتك بك ولا تملك به إلا حقّ السخرية منك ومن حولك .!


كان الأردنيون قبل ثلاثين عاماً يعتبرون السخرية و الضحك العالي ضرباً من ضروب العيب ؛ بعدها بسنوات استحضر الأردنيون سخرية الأقوام الأخرى و (أردنوها) أي أنهم جلبوا النكتة السياسية المصرية مثلاً و أسقطوها على مجتمعهم الأردني....!


والآن..وبعد كل هذا الألم و الوجع..والذي يبلغ الآن الآن ذروته..والذي لا يمكن نكرانه..ولا يمكن صمّ الآذان عن أنينه المتواصل..فإن الأردني وصل إلى مرحلة السخرية الكاملة..كلها صنع محلي..كلها بلون وطعم ورائحة أردنية؛ وبالكاد ترى نكتة سياسية من قوم آخرين..!


الأردني الآن يَضحَك ويُضحِك وهو يبكي..ويبكي وهو ينقلب على ظهره من شدة السخرية ..الأردني الآن وبنسخته الجديدة رفع سلاح السخرية وهذا السلاح لا حلّ له ..ولا عودة عنه ..لأن الأردني الآن وصل إلى قناعة أن الضحك مش عيب و أن الكشرة ليست هيبة ..وأن النكتة في وجه الحكومات رسالة احتجاج قد يكون لها ما بعدها ..!


أيها الهاربون من سخريتنا؛ ستحوطكم سخريتنا من الجهات الست..فتعالوا كي نتفاهم على النكتة القادمة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة