الجمعة 2024-12-13 08:20 م
 

الإصلاح الاداري

08:09 ص

كلام كثير يقال عن إدانة «الخصخصة» ، وما نتج عنها من تفريط بشركات القطاع العام الناجحة ، ونقد للقطاع الخاص وممارساته، وسعيه لجمع الارباح ومراكمة الثروة ، بغض النظر عن جودة المنتج والخدمة ،التي تضر أحيانا بمصالح الناس ، كفضيحة الدجاج»الفاسد» التي هزت المجتمع مؤخرا ، وخلال شهر رمضان المبارك ، لكن من يرصد أداء الكثير من مؤسسات ومرافق القطاع العام ،وكيفية تعامل الموظفين فيها مع المراجعين ، والعقلية البيروقراطية التي تديرها ، ربما يتمنى أن يتم خصخصة تلك المؤسسات ،أو تضمينها للقطاع الخاص لادارتها ، بهدف تجويد الخدمة والتسهيل على المواطنين وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرة هذا الجهاز» المترهل» ،على التعاطي مع مستلزمات «الحكومة الرقمية « وأتمتة المعاملات ، والاستغناء عن الخدمات الورقية ،بحلول عام 2020 كما أعلنت الحكومة.اضافة اعلان


دخلت قبل فترة إحدى البلديات الكبرى لقضاء خدمة ، فتخيلت نفسي في مبنى دائرة في دولة عظمى تدير العالم ممرات طويلة «يطارد فيها الخيال « وعدد هائل من المكاتب تزدحم بالموظفين ، وثمة عدد من المساعدين للمدير ، لاحظت في مكتب أحدهم وجود ستة موظفين يعملون في مساعدته وهنا خطر في بالي بعض الشركات الريادية ،التي أنشأها شباب أردنيون يديرها عدد قليل من الأشخاص ، بدأت بإمكانات متواضعة لكنها حققت انجازات لافتة ، واكتسبت شهرة عربية ودولية خلال وقت قصير.

يقابل ذلك «ثقافة عمل» مختلفة ،تتسم بالاستهتار وعدم الاكتراث تسود في أجهزة القطاع العام ،أو البلديات ومؤسسات شبه أهلية ، تقدم خدمة مباشرة للمواطنين، وهنا لا أتحدث عن فرضيات بل عن وقائع مؤكدة بالوثائق والتواريخ، كتلك التي رواها لي أحد الأشخاص مدعمة بالادلة ، تتعلق بمعاملة له في بلدية «معدي الجديدة» ، وهي بلدية يتبعها عدة مكاتب فرعية على غرار أمانة عمان الكبرى لكنها في الواقع فروع لا تمتلك من أمرها شيئا ، بل أنها تزيد التعقيدات الادارية وحلقات البيروقراطية ، فأي معاملة يحتاجها مواطن ضمن حدود أحد تلك الفروع ،يضطر للتنقل بين الفرع والمركز للحصول على التواقيع والاختام وانجاز المعاملة ،حتى لو كانت الحصول على «إذن اشغال»، ومثال على ذلك إحدى المعاملات المتعلقة بتقديم خدمة لمواطن، صدرت من الفرع الى المركز والمسافة بينهما 12 كيلومترا ، لكنها بقيت مهملة في المركز لمدة «18 «يوما ، ولم تعرض على رئيس اللجنة ،الا بعد أن حضر صاحب المعاملة للسؤال عنها كما قدم أحد المواطنين شكوى على البلدية منذ 6 تشرين الاول الماضي، تتعلق باعتداء شارع البلدية على حرم منزله ، بعمق مترين وطول 12 مترا ، وهو اعتداء موثق بتقرير أعده مساح معتمد للبلدية ، التي أقرت بالخطأ لكنها لم تتخذ أي إجراء لتصحيحه ولا تزال الشكوى طي الادراج ومن يبحث ويستمع للمواطنين، يجد الكثير من النماذج المشابهة اوالتي أكثر فداحة.

البلديات رغم أنه يجري انتخاب مجالسها من قبل المواطنين ، ويفترض نظريا أنها مؤسسات أهلية ديمقراطية، لكنها في الواقع تدار بعقلية القطاع العام ، سواء من حيث ممارسات المجالس المنتخبة ، أو « ثقافة العمل « لدى الموظفين الذين يتم تعيين عدد كبير منهم ، بالواسطة وعلى أسس جهوية واجتماعية ومصلحية ، أو لتسديد «فواتير انتخابية « ولذلك تعاني هذه البلديات من فائض في عدد الموظفين يفوق حاجتها الفعلية بكثير ، وما ينتج عن ذلك من ضعف انتاجية و» بلادة» في التعامل مع مطالب المواطنين ، وذلك أحد أسباب العجز الذي تعاني منه في موازناتها وضعف الخدمات التي تقدمها.

من الانصاف الاعتراف بوجود نماذج متميزة من الموظفين في القطاع العام، من حيث الكفاءة وحسن المعاملة مع المراجعين، والجدية في تقديم الخدمة بيسر وسهولة ، لكن رغم الكلام الكثير عن إصلاح و»تطوير القطاع العام» ووجود وزارة تحمل هذا الاسم، تبدو النتائج متواضعة جدا حتى الان ، ولا تزال الطريق طويلة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة