الجمعة 2024-12-13 07:20 ص
 

الاحتباس الضميري

07:29 ص

ما زلت أضع يدي على دفة قلبي، كلما خصصوا يوماً لشيء نحتفل بذكراه عالمياً، وينشر صوره محرك البحث (جوجل) بطريقة مبتكرة وذكية، فهذا الاحتفال لا يعني إلا أننا أمام شيء آيل للنسيان، أو الإنقراض، أو محفوف بالمخاطر، أو أنه يعاني مشاكل غاية في الصعوبة.

اضافة اعلان


فعندما يخصصون يوماً للحب مثلاً، فهذا يعني أن العالم بات يواجه نقصاً حاداً في الحب، ولهذا جعلوا له يوماً ليتذكره الناس الغارقون في متاعبهم، فيتنشقونه ويشبعون دمهم منه في احتفال بلاستيكي قميء.


وزيادة في الهواجس المخيفة، فهناك ساعة للأرض، تتضامن فيها بعض مدن العالم وتطفئ بعض أنوارها لحماية الأرض من تفاقم خطر الاحتباس الحراري، وتزايد كميات ثاني أكسيد الكربون في سمائها، وهناك يوم للبيئة، وآخر للأوزون، ورابع لمكافحة الغازات الدفيئة، وخامس لميثاق الأرض، وغيرها مما لم أحط به خبرا.


أول أمس احتفل العالم بيوم الأرض، وهو احتفال موسع يستهدف نشر الوعي بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، والعمل على توفير الطاقة، وتخفيف انبعاثات غازات الكربون، لتلافي مخاطر التغيير المناخي والاحتباس الحراري. وسأسأل: هل بوسع هذا اليوم الوحيد أن يهز ضمير الإنسانية، ويقول للعالم بأن عليهم أن يفكروا أكثر بكوكب الأرض، وأن عليهم أن يحموا الحياة عليها، ويتعاضدوا لأجل ذلك؟!.


وكما أن ساعة واحدة من الظلمة لا تكفي؛ كي تعيد النور لصواب الإنسان، فإن يوماً للأرض لن يكفي أيضاً؛ فالأرض ليست بحاجة لوقفات احتفالية ومؤتمرات لخفض درجة حرارتها درجتين مئويتين، والتغلب على ظاهرة الاحتباس الحراري، بالقدر الذي تحتاج فيه إلى أن نحرر الضمير الإنساني من محبسه وقمقمه، إننا لم نعانِ احتباساً حرارياً بقدر ما نعاني احتباسا ضميريا؛ لأن الإنسان بلا ضمير، يضرُّ حتى نفسه. فهل يستطيع الطب الحديث زراعة ضمير جديد لهذا العالم المتبلد؟!.


أتمنى لو يضخون إلى الضمير العالمي أكسجيناً نقياً صرفاً، كي يتنفس بعمق وروية، عله يصحو من تبلده وغيبوبته وأنانيته. أريد أن نخفف من كمية غاز الكربون المنفوث في الأجواء، والذي يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، ويهدد مناخ الأرض، بارتفاع حراري لا يطاق يهدد عش حياتنا!. ولنتذكر أن لا أحد منا يستطيع أن يطرق زجاج الشباك ويقول: أوقفوها، أريد أن أنزل!.


ولهذا فلن أؤيد الصرخة المدوية، التي أطلقها واحد من المتعبين ذات وجع: (أرجوكم أوقفوا هذه الأرض، أريد أن أنزل!). لأنني أؤمن أن هذا الكوكب الأزرق الوديع، هو بيتنا الوحيد، وليس حافلة ركاب على خط الزرقاء عمان نطرق شباكها، إذا ما أردنا النزول، في أي وقت نشاء. إنها مهدنا، ومعاشنا، ودربنا وحلمنا وقبرنا. إنها أمنا الأرض.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة