الوكيل - خالد توفيق وبترا -
يحيي الاردنيون اليوم الخميس الذكرى الرابعة عشرة ليوم الوفاء والبيعة ، ويؤكدون انتماءهم لوطنهم وولاءهم المتجدد لمؤسسة العرش الهاشمي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ، الذي عزم منذ بدايات عهده المجيد على أن يكون الأردن أنموذجا في الديمقراطية والإصلاح الشامل .
وبهذه المناسبة يستذكر الاردنيون بفخر واعتزاز ما تحقق من انجازات في عهد المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه ، الذي سطر ومعه الأوفياء والمخلصون من أبناء الشعب الأردني الواحد أعظم ملحمة وطنية، وتاريخا حافلا بالعطاء والانجازات والبناء طوال ما يقارب الخمسة عقود قاد فيها رحمه الله الأردن بحكمة وبعد نظر وحسن قراءة للمتغيرات .
وتعود ذاكرة الأردنيين إلى السابع من شباط للعام 1999 حين تمكنوا بهمة واقتدار من استيعاب الموقف الدقيق والمرحلة المفصلية في تاريخ وطنهم، فكان الانتقال السلس للسلطات الدستورية عقب رحيل المغفور له الحسين صاحب السيرة العطرة وصانع قصة انجاز يعرفها القاصي والداني في بناء دولة ثابتة الأركان لينجح الوطن في مداواة الجراح والالآم لفراق الملك الباني، وليقف أبناؤه بحزم وثبات إلى جانب من نذره لخدمة وطنه وأمته جلالة الملك عبدالله الثاني .
لقد شهدت مراسم جنازة المغفور له الحسين أكبر تجمع رسمي خلال القرن العشرين، حيث شارك في الجنازة نحو أربعين رئيس دولة، ووفود تمثل حوالي ستين دولة عربية وأجنبية.
في كتاب جلالة الملك عبدالله الثاني الذي صدر العام 2011 بعنوان فرصتنا الأخيرة: السعي نحو السلام في زمن الخطر قال جلالته: إن المسير على خطى والدي كان دوما نهجي الأمثل والأكثر حكمة .
وبعد أربعة عشر عاما على رحيل القائد والإنسان والأب الحسين طيب الله ثراه ، يستذكر الاردنيون رفيقهم وحادي الركب ومواقفه الشجاعة والجريئة، ففي الأول من آذار عام 1956 اتخذ طيب الله ثراه قرارا مفصليا يقضي بتعريب قيادة الجيش وإعفاء كلوب من منصبه .
كان الملك الراحل الحسين يدرك أبعاد خطوته الجريئة وما سيترتب عليها، ومؤمناً واثقاً بنفسه وأبناء وطنه ، وقد أمر بترقية العميد راضي عناب إلى رتبة لواء وتعيينه رئيساً لأركان الجيش العربي وبذلك يكون أول ضابط عربي أردني يتولى رئاسة أركان الجيش العربي .
بعد قرار المغفور له بتعريب قيادة الجيش عمل على أن يجعل الجيش العربي جيشاً قوياً مدرباً ومسلحاً بأحدث الأسلحة، ليكون قادراً على القيام بمهامه في الدفاع عن الوطن، وتطويره من وحدات صغيرة إلى جيش مزود بأحدث الأسلحة والخدمات والكفاءات المتطورة التي نشاهدها اليوم في مختلف تشكيلات قواتنا المسلحة.
وعندما تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، أعاد هيكلة وبناء الجيش ليكون عنوان مرحلة البناء والتطور المستقبلية، وليكون التطور نوعياً من منطلق مرتكزات الأمن الوطني الأردني .
في بداية عهد الحسين كان للدستور الأردني الذي صدر في عام 1952 دور مهم في البدء بتنفيذ برامج عمل مؤسسية استمرت طوال أكثر من أربعة عقود واعتمدت مبدأ التمسك بالتحديث دون التفريط بالأصالة ، هو رحمه الله من أطلق عبارة ' الأسرة الأردنية الواحدة ' لتكون بالفعل كذلك أسرة مترابطة يحكمها نسيج اجتماعي متين.
مجموع الناتج الوطني الأردني عام 1952 لم يتجاوز 51 مليون دينار وارتفع في نهاية عام 1967 إلى 175 مليون دينار، وفي حين كانت الصادرات الأردنية في عام 1950 لا تتجاوز مليونا ونصف المليون دينار، بلغت عام 1969 ( 14) مليون دينار. وفي عام 1952 بلغ عدد سكان المملكة نحو 586 الفا والكثافة السكانية كانت نحو 6 ر6 ، وفي عام 1999 بلغ عدد سكان المملكة أربعة ملايين وسبعمئة ألف وبكثافة سكانية تقدر ب 4ر53 لكل كيلو متر مربع .
وشهدت مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ظهور المؤسسات العامة من بينها الإذاعة الأردنية ومديرية الأحوال المدنية وهيئة الدفاع المدني والجامعة الأردنية ومؤسسة رعاية الشباب ومدينة الحسين للشباب ودائرة الثقافة والفنون والتلفزيون الأردني ووكالة الأنباء الأردنية ودائرة الموازنة العامة وبنك الإنماء الصناعي ومعهد الإدارة العامة وسلطة المصادر الطبيعية ومؤسسة الإقراض الزراعي والبنك المركزي الأردني . وقدم الجيش العربي في حرب العام 1967 ضد الاحتلال الإسرائيلي 730 شهيدا من خيرة أبنائه الذين التحقوا بقافلة الشهداء الأبرار دفاعا عن فلسطين والقدس والأراضي العربية .
وكان جهد الحسين مشهودا له في صياغة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي ينص على الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي التي احتلت في حزيران عام 1967 مقابل السلام.
وعندما نتحدث عن انجازات الملك الباني نستذكر بطولات الجيش العربي في معركة الكرامة الخالدة، حيث تصدت قواتنا الباسلة للعدو الاسرائيلي ومنذ الدقائق الأولى أخذت تطلق النار على قواته وأوقعت به خسائر فادحة . وسطر الجيش العربي الأردني بطولات كبيرة في الدفاع عن حمى الأردن الغالي ، ما اضطر إسرائيل لأول مرة في تاريخها العسكري لأن تطلب وقف إطلاق النار، الا أن الملك الحسين رفض ذلك ما دام هناك جندي إسرائيلي واحد شرقي النهر، وقد أجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب بعد أن تكبدت 250 قتيلا و 450 جريحاً تاركة خلفها عددا من الآليات والدبابات على أرض المعركة، وقدم الجيش العربي الأردني 61 شهيدا و 108 جرحى، ًوفي تلك المعركة تحطمت عقدة التفوق العسكري الاسرائيلي .
وفي عام 1978 تم تشكيل المجلس الوطني الاستشاري بالتعيين مدته سنتان ويعاد تشكيله بعد انتهاء مدته ولم يعتبر بديلاً لمجلس النواب المنتخب، لكن تم إنشاؤه لإبداء الرأي والمشورة ومناقشة السياسة العامة للدولة. لقد ارتأى جلالة الملك الحسين في عام 1984 ضرورة عودة الحياة النيابية للبلاد إرساء لدعائم الديمقراطية، فعمل على إعادة مجلس الأمة المنحل، وأجريت الانتخابات لتعبئة المقاعد الشاغرة في الضفتين الشرقية والغربية، إلا أن هذا المجلس انحل في عام 1988 بعد قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين ، وبناءً على قرار جلالة المغفور له بالعودة إلى الحياة البرلمانية صدر قانون انتخاب جديد، تم فيه إلغاء مقاعد الضفة الغربية، وأجريت الانتخابات في عام 1989.
وفي تسعينيات القرن الماضي صدر عدد من القوانين التي أنعشت الحياة السياسية والديمقراطية في الأردن، ومن ضمنها قانون الميثاق الوطني الأردني عام 1991 وإلغاء قانون الأحكام العرفية 1992 وقانون الأحزاب السياسية عام 1992 وقانون متطور للمطبوعات والنشر عام 1993 .
وفي العام 1994 تم توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل.
لقد اتسمت سياسة الأردن الخارجية في عهد المغفور له الملك الحسين بالنشاط والتوازن في التعامل مع سائر القوى على الساحة الدولية ومعالجة القضايا العربية والدفاع عنها تحقيقاً لأهداف الأردن وتطلعاته في الوحدة والحرية والحياة الفضلى , كما أقام جلالته شبكة من العلاقات الدولية أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع العديد من دول العالم .
وفي عهد جلالة الملك الحسين اتسعت قاعدة التعليم الإلزامي وازداد عدد المدارس في مختلف مناطق المملكة وارتفعت نسبة المتعلمين وتم العمل على مكافحة الأمية وشملت نهضة الأردن في عهده رحمه الله جميع المجالات الصحية والخدمات العامة والبنية التحتية والطرق والاتصالات والزراعة والصناعة.
وفي مجال التعليم العالي حقق الأردن قفزات نوعية في عهد الحسين طيب الله ثراه حيث صدرت الإرادة الملكية السامية بتأسيس الجامعة الأردنية عام 1962 وتبعها جامعات , اليرموك ومؤتة والعلوم والتكنولوجيا الأردنية وآل البيت , كما انشئت منذ العام 1990 الجامعات الأهلية .
وتم إنشاء الجمعية العلمية الملكية كمؤسسة علمية مستقلة تهدف إلى القيام بأعمال البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي والعديد من المدارس الأكاديمية والصناعية والمهنية والتمريضية في جميع محافظات المملكة.
ونشرت كتب عديدة عن جلالته، وألف جلالته ثلاثة كتب هي: ( ليس في المُلك راحة ) العام 1962 , و( حربي مع إسرائيل ) في العام 1969، وكتاب ( مهنتي كملك ) في العام 1975 .
في السادس عشر من كانون الثاني عام 1999 وأثناء تلقيه للعلاج وقبل ان ينتقل الحسين الى الرفيق الأعلى بعث خطابه الأخير للأسرة الأردنية قال فيه ' ولأنتم نعم الأهل والعشيرة ، نشميات ونشامى الأردن المفدى، ونعم رفاق الدرب والمسيرة، الرجال الشرفاء المخلصون الأوفياء ذلك أنكم الرجال الذين لا تغيرهم الحوادث، ولا تفل عزائمهم الصعاب ولا التحديات الرجال الذين ما عرفوا لغير ثرى الأردن انتماء، ولا لغير رسالته ورايته ولاء، ولقد عرفتكم وخبرتكم عبر سنوات الرحلة الطويلة التي بنينا فيها الأردن معا بالإيمان والعزيمة والجهد والعرق، واجتزنا بعون الله خلالها كل العقبات والصعاب والتحديات، وكنا في طليعة أبناء الأمة في الدفاع عن قضاياها ومستقبلها وتحملنا في سبيل ذلك ما تنوء بحمله الجبال، واشهد أنكم كنتم وما زلتم الأوفى عهدا، والأنقى سريرة، والأنبل غاية، والأمضى عزيمة ، والأعظم تضحية، والاصبر على الشدائد ومقارعة الخطوب والتحديات ، فجزاكم الله كل الخير وزادكم على هداكم هدى'. ووجه طيب الله ثراه في 26 كانون الثاني 1999، رسالة إلى ولي عهده حينذاك جلالة الملك عبدالله الثاني قال فيها ' وقد عرفت فيك وأنت ابني الذي نشأ وترعرع بين يدي حب الوطن والانتماء إليه والتفاني في العمل الجاد المخلص ونكران الذات وحب الظهور، والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان، والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم المستند إلى تقوى الله أولا ومحبة الناس والتواضع لهم والحرص على خدمتهم والعدل والمساواة بينهم وتوقير كبيرهم والرحمة بصغيرهم والصفح عن مسيئهم حيثما كان مجال للصفح، وكرم النفس والخلق والحزم عندما يستقر الرأي على قرار ووضع مصلحة الوطن والأمة فوق كل المصالح والاعتبارات ' .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو