لم يكن نصراً إلهياً هذا الذي تحقق في فيينا عبر ماراثون تفاوضي بدأ عام 1992. فإيران – ربما لأول مرة–تعتقد ان مصالحها الاقتصادية وحاجات شعبها هي التي انتصرت. وفعلاً فقد خرج آلاف الإيرانيين ليغيّروا صورة التظاهر النمطية من: الموت لأميركا إلى احتفالية بالسلام، وتحية لوزير الخارجية صانع الاتفاق، والمطالبة بالافراج عن قادة المعارضة.
كثيرون منهم عرب، وأيضاً نتنياهو يعتقدون أن الافراج عن مليارات الدولارات المجمّدة الإيرانية، سيؤدي إلى تزايد النشاط التخريبي في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وهذا قد لا يكون صحيحاً. فأي موقف عاقل في طهران هذه الأيام، سيجر خلفه سياسة عاقلة.. أهمها إنهاء تمويل وتسليح كل عناصر الإرهاب في المنطقة.
الرئيس الأميركي يقول إن الاتفاق النووي لا يقوم على النوايا.. وإنما على المراقبة الحثيثة. أي ان كل شيء داخل إيران سيكون مراقباً: المراكز البحثية وانتاج اليورانيوم المخصب، وحركة المال المفرج عنه وهو بمئات المليارات.
وأكثر الناس لا يعرفون إلا حجم الدعاية، وصور الاستعراضات العسكرية، ومنظر الصواريخ المارة أمام المنصّة.. لكن الحقيقة هي أن إيران تشتري البنزين من دول الخليج وتدفع كاش، لأن العالم لا يتعامل مع البنوك الإيرانية. وكذلك كل شيء. والدولة تعجز، حتى بعد ربع قرن على إنتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، عن إصلاح مصافي النفط في عبادان، وفتح الممر المائي المغلق بالسفن الغارقة للوصول إلى مينائها الرئيسي في عبادان.
في السبعينيات، كان أحد موظفي سفارة كوريا الشمالية المقيم في دمشق يزور الصحف الأردنية لينشر صفحة أو أكثر عن عظمة الزعيم كيم ايل سونغ، وقيادته التاريخية لكوريا الديمقراطية. وكان يدفع «كاش وبالدولارات» لكل صفحة ينشرها – ونظن أنها كانت ألف دولار -. وكان معروفاً وقتها أن آلاف الأطفال الكوريين يموتون جوعاً لأن الدولة غير قادرة على شراء المواد الغذائية الضرورية. وفي إيران تخرج الآن مئات الملايين من الدولارات لاقامة مستشفيات ومدارس حزب الله في لبنان، ولتجنيد الآلاف وتسليحهم. وللانفاق على فضائيات وصحف.. غاية في البحبوحة المالية. في حين أن هناك بطالة وفقر وجوع في ضواحي طهران.
يعرف العالم أن النظام الإيراني لا يلتزم بالمعاهدات والمواثيق وتقاليد العلاقات بين دول العالم، ولذلك تستمر المفاوضات سنوات في موضوع واحد يمكن حله خلال أسابيع. ولهذا أيضاً تفرض الأمم المتحدة، ودول العالم المؤثرة مئات العقوبات على إيران. وأهمها اخراجها من شبكة المال والبنوك العالمية، ومنع التجارة معها إلى حد انهيار سوقها النفطي. وهو المصدر الأول للدخل الوطني. وتجميد ارصدتها كدولة، وكأفراد. ولنا أصدقاء وإيرانيون في لندن لا يستطيعون سحب أي جنيه من أرصدتهم إلا ما تسمح به الحكومة للانفاق على أجرة المنزل، والمواصلات والغذاء.
والسؤال: من أجل ماذا؟
والجواب: نسمع انه من اجل صنع قنبلة نووية غير قابلة للاستعمال.
ونسمع أن إيران تريد «مجالاً حيوياً» في المنطقة يكرّس زعامتها بالقوة. وكل ذلك جنون لا تستطيع إيران تحقيقه لأن اعتمادها على الطائفة الشيعية – وهي أقلية – لا يبقي أمامها إلا تدمير الدول العربية المجاورة من الداخل.
وقد ثبت لطهران أن تدمير جيرانها العرب لا يمكن أن يكون مكسباً لها.
إن إعلان الامبراطورية الفارسية أو الإيرانية أو الإسلامية و»سيطرتها» على أربع عواصم عربية، يصحّ بوهم أنظمة ميتة تتعامل معها، وعواصم مدمرة. ورايات سوداء، وسكاكين تحزّ الرقاب.. وسبايا، ورقّ ونخاسة في القرن الواحد والعشرين. وهذا ليس مجداً امبراطورياً.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو