السبت 2024-12-14 12:26 ص
 

الانقسامات السياسية والمذهبية أصبحت عميقة

07:34 ص

سواء اختلف الروس والأمريكان على الموقف من سوريا او اتفقوا فهذه ليست المشكلة انما هي ما نحن عليه من شعوب ودول عربية وهذا المسلسل الدرامي الطويل من الانقسامات والحروب والاستعانة بالاجنبي لتغليب طرف على طرف آخر. وهنا نتوقف عند (المصطلحات الشائعة) مثل مفهوم التدخل الأجنبي، إذ هناك من يعتبر هذا التدخل اجنبيا اذا جاء من أمريكا وبريطانيا اما اذا جاء من روسيا وإيران فهو تدخل الحليف والصديق، هذا المصطلح مضلل الى ابعد الحدود، فالتدخل تدخل حتى لو كان تحت رايات الامم المتحدة.اضافة اعلان

الوضع العربي وما هو عليه من انقسامات سياسية ومذهبية على كافة المستويات اصبح جاذبا لكل أنواع التدخل الخارجي، من منظمات حقوق الإنسان ومجموعات الدفاع عن حرية الرأي والمعتقد الى طلب العون السياسي والمالي الدولي لمواجهة تصاعد اساليب القمع والاضطهاد والقتل مع ما يتبع من أعباء اللاجئين وضحايا الصراعات وصولا الى طلب السلاح والتدخل باستخدام القوة كما جرى في ليبيا ومن قبل في العراق واليوم في سوريا.
شهد العرب في النصف الثاني من القرن الماضي انقسامات سياسية كبيرة لكنها كانت سطحية في الغالب لانها قامت على فرز غير واقعي بين ما سمي بقوى التحرر وقوى التبعية للأجنبي، هي غير واقعية لان الطرفين اعتمدا في ذروة المواجهات بينهما على قوى اجنبية، سياسية واحيانا عسكرية من المعسكرين الغربي والشرقي في زمن الحرب الباردة (تدخل عسكري مباشر وغير مباشر).
الانقسام العربي اليوم اشد عمقاً لانه 1- انقسام سياسي بعمق مذهبي 2- لان تيارات واسعة من الشعوب تنخرط في هذا الانقسام ناقلة خلافاتها الى مواجهات ميدانية 3- لان جوهر هذا الانقسام يتمحور حول طبيعة النظام (دولة مدنية او علمانية او دينية) وعلى هوية الدولة (موحدة او فدرالية او مجزأة) على أسس مذهبية حينا وعلى إثنية حينا آخر.
في النصف الثاني من القرن الماضي كان الجميع، أنظمة وأحزابا وشعوبا، تنقسم حول آليات هدفها اما التمسك بالدولة الوطنية القائمة او السعي لتحقيق وحدة عربية جزئية وشاملة، اما اليوم فان الانقسامات السياسية والمذهبية والإثنية تتصارع على مستقبل الدولة القائمة منذ الاستقلال وعلى مفاهيم المواطنة في إطار الاندماج الوطني او التفكك المذهبي والإثني.
بين شعاري إسقاط النظام وإصلاح النظام اللذين رفعا في الربيع العربي تفككت المجتمعات العربية حول دور الدين في السياسة وحول موقع الأنظمة القديمة في أنظمة المستقبل. وبمواجهة شعارات الحرية والكرامة حشدت الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية كل أسلحتها وتجاربها في القمع والاستعباد من اجل وأد الربيع العربي وتحويله الى ساحات صراع سياسي ومذهبي واثني في إطار المراهنة على البقاء حتى لو كان ذلك على أشلاء الأوطان.
لو ان الأنظمة استجابت لمطالب شعوبها في التحول الى الديموقراطية والدولة المدنية لظلت (السلمية ) خارطة طريق للأمل والحرية، لكن الحل الامني كان هو خيار العديد من الأنظمة التي قادت المنطقة الى طريق البلقنة، طريق يفتح الباب على مصراعيه لانقسامات سياسية مذهبية عميقة تغري بالتدخل الأجنبي من القوى الإقليمية والعالمية. واذا لم يعترف العرب (حكاما وتيارات سياسية) بخطورة انقساماتهم ويعملون على صياغة أنظمة جديدة وعالم عربي مختلف، يحاكي القرن الحادي والعشرين، فان صراعاتهم ومجازرهم وحروب التصفيات والإبادة التي تمارس وفق شريعة الغاب ستهدد بالفعل الامن الدولي بما يجذب أشكالا وألوانا من الصراعات والتدخلات الأمريكية والروسية والإيرانية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة