مضحك حد البكاء ما حدث في مجلس النواب صباح أمس , ومضحك حد السريالية عدم توقّع حدوث هذا الأمر , بعد أن قالت كل سلوكيات بعض النواب بالفم الملآن إن العنف سيصل حد تبادل إطلاق النار في المجلس منذ أن تم التغاضي عن إشهار السلاح والتعامي عن اللكمات والشتائم والخروج على كل التقاليد البرلمانية في النقاشات والانتقادات تحت القبة , بين النواب أنفسهم أو بين النواب والحكومة , فكل المجريات كانت تُشير الى غياب المهنية البرلمانية وغرائزية عجائبية تحكم سلوك النواب الذين وقعوا في مغبة الظن الآثم بأن الناخبين يريدون ذلك على وزن أفلام المقاولات المصرية “الجمهور عايز كده” .
وقع المحظور وجرى اطلاق النار في المجلس ولولا شجاعة التربوية مريم اللوزي التي نفتخر بها لأننا من ناخبيها أولا ومن جيرانها ثانيا ومن أبناء وطنها دائما , لوقعت مجزرة في المجلس وسالت الدماء وسال معها مداد أسود أرّخ لحادثة مخزية في جبين الديمقراطية البرلمانية الأردنية , التي تئن تحت ضربات غياب المهنية وغياب آليات الوصول النزيه والعادل الى مجلس النواب بعد أن سمحت قوانين الانتخابات المتتالية بوصول نواب حارات أو بتدني منسوب الهيبة النيابية بِسند من غياب الرقابة الحازمة على المال السُحت الذي أوصل نواب عنف الى تحت القبة.
حادثة اطلاق النار يجب أن تدفع المجتمع الأردني الى مراجعة حساباته في اختيار النواب وتجويد الخيارات بعيدا عن القرابة والعشيرة والثمن , حتى لو كان القانون مُحاطا بالعوار القانوني والاجتماعي , وسبق للاردنيين ان قاموا بالانتخاب تحت قوانين اكثر سوءً من القانون الحالي وكانت النتائج اكثر معقولية من النتائج الحالية , فمعظم القيادات البرلمانية التي مارست العمل النيابي المحترم نجحت على الصوت الواحد والمتعدد من قَبله “ طاهر المصري , عبد الرؤوف الروابدة , حمزة منصور , عبد المنعم ابو زنط , سعد السرور وعبد الكريم الدغمي وبسام حدادين وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة “ لذكرهم, ولا يجوز وضع الملامة بكاملها على القانون فقط , والمال ليس حديث الولادة في الانتخابات البرلمانية بل منذ نشأتها , لكن الحديث قبول الناس للمال السحت بعد ان اجهضت تحالفات مجتمعية وسياسية وسيادية نزاهة الانتخابات وطعنت نزاهتها بمقتل وساهمت بهروب كثيرين من الترشح والإقبال على الانتخاب اساسا .
والأمر يطال الدولة بكل أركانها ايضا وليس المجتمع فقط بضرورة تجويد القوانين وتطبيق الرقابة الحاسمة على الانتهاكات الانتخابية التي تجعل من نزاهة الانتخابات حلم ليلة صيف وترفع نسبة العزوف عنها , فالقانون يجب تغييره لصالح توسيع الدوائر وإلغاء كل ظلال لغياب العدالة وصورة الصوت الواحد المجزوء , وتفعيل النظام الانتخابي للقوائم بوضع عتبة لدخول القائمة على سلم التنافس , وعلى النواب تطويع نظامهم الداخلي لكي يقبل الكتل البرامجية او الكتل الشخصانية بعد أن اثبت العمل الفردي والإطار الكتلوي الحالي فشله الذريع , وعليهم محاولة امتصاص غضب الشارع المتزايد الذي بات يردد في كل مجلس “ دعوت على عَمرٍ فمات فسرني وعاشرت اقواما فبكيت على عَمرِ “ .
حسنا فعل الملك عندما قاد المجلس الى وضع حد لكل التصرفات غير اللائقة فحجم العقوبة التي سيواجهها النائبان ستكون رادعا -دون شك- لكثيرين كانوا يراودون النفس بحمل السلاح اكثر واطلاقه أكثر فأكثر , وعلى المجلس ان ينتصر لمستقبله ويحاول فرض هيبته بفصل أو تعليق عضوية كل من يخالف الأعراف والتقاليد وقبلهما النظام الداخلي للمجلس ومن نافلة القول ضرورة تشكيل لجنة سلوك داخل المجلس لمحاسبة المسيئين لصورة النواب التي لا ينقصها المزيد من الظلال السوداء .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو