السبت 2024-12-14 02:28 م
 

البلديات .. كيف وصلت حد الانهيار؟

05:52 م

ما زلت اذكر كيف كانت معظم بلديات المملكة مؤسسات محترمة، توفر الحد المقبول من الخدمات وفي مقدمتها خدمات النظافة والانارة وفتح وتعبيد وصيانة الشوارع. وان البعض منها قد يقصر في بعض الجوانب الخدمية لكنه لا يمكن ان يقصر في خدمات النظافة. والى الدرجة التي كنا نفاخر بان بلدياتنا من انظف مدن العالم. وفي هذا السياق، كنا نستمع من اصدقاء لنا من جنسيات مختلفة ما يثلج الصدر من اطراء على مستوى النظافة في العاصمة عمان، والتي كانت من انظف العواصم على مستوى العالم.اضافة اعلان


اليوم تندب كافة المدن واقعها بسبب عجزها عن تقديم ابسط الخدمات. فعلى الرغم من استحداث امانة عمان الكبرى دائرة خاصة اسمتها دائرة البيئة الا ان مستوى النظافة تردى الى الدرجة التي باتت مناظر النفايات المتراكمة من المناظر المألوفة. وتحولت شوارع مدينة المفرق الى مكرهة صحية تتحلل فيها النفايات بعد مضي اسابيع على طرحها في الجزر الوسطية وعلى الارصفة وفي وسط الشارع. ومثل ذلك ينطبق على العديد من بلديات المملكة ومنها ـ على سبيل المثال ـ مادبا، السلط، معان، والكرك والكثير الكثير.

ولم يعد بمقدور بلدية دير ابي سعيد ـ مثلا ـ اصلاح المسلخ البلدي الذي قررت اغلاقه قبل ستة اشهر بسبب عدم صلاحيته للذبح. فكان البديل ان اصبحت البلدية بدون مسلخ، وبحيث يقوم القصابون بذبح المواشي في الشوارع، فانتهت عملية الرقابة على اللحوم بشكل كامل، واصبح بامكان اللحامين التصرف كما يحلو لهم.

ولم تفلح بلدية الاغوار الجنوبية في تنظيم حملة رش للذباب والبعوض الذي ارق حياة السكان هناك. بالطبع هذه نماذج من تفاصيل المأساة التي تعيشها بلدياتنا، والتي تبلغ ذروتها عندما يقترب آخر الشهر لتبدأ المفاوضات مع بنك تنمية المدن والقرى لتوفير الرواتب التي عجزت موازنة البلديات عنها. او عندما ترفض محطات المحروقات تزويد سيارات النفايات بالوقود بحجة عدم تسديد الفواتير المستحقة. وعندما تقوم شركة الكهرباء بقطع التيار عن المباني البلدية والشوارع بحجة التأخر في التسديد. فهناك الكثير من المؤشرات التي تعزز الفرضية بان بعض البلديات أصبحت على وشك الانهيار، على وقع مشاكل متراكمة منذ ما يزيد عن عقد من الزمن. وهي مشاكل تتراوح ما بين العاملين الاداري و المالي. وكلاهما من صنع حكومات سابقة. اداري، انتجته حكومات متعاقبة توسعت بالتعيين او غضت النظر على ممارسات لمجالس بلدية بالتعيين على غير حاجة. وضمن كوتات وظفت لخدمة العملية الانتخابية وغيرها.

ومالي بحكم ان بعض وزراء البلديات السابقين تدخلوا في القاعدة المتعلقة بموازنات البلديات. بما في ذلك نزع حقها في الحصول على حصة ثابتة من المحروقات، وتنظيم موازنات تبعا لمصادر مالية منظورة بموارد متاحة. حيث ربطت عملية التخصيص بالوزير شخصيا، وتحت مسمى «الحوافز».

يضاف الى ذلك ان الحكومة خفضت الحصة التي تدفع للبلديات من المحروقات رغم انها نسبة مقرة بموجب القانون ويتم تحصيلها من المستهلكين. ووظفتها في مجالات اقرب الى الخدمة الشخصية لرؤساء البلديات تبعا لمستوى علاقات الرئيس مع الوزير.

اشكاليات البلديات كثيرة ومتشعبة لكنها بحاجة الى قرار جريء يضع هذه المؤسسات الحيوية على المسار الصحيح. ولا اعتقد انه من الصعب تحديد ملامح ذلك الاجراء.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة