الجمعة 2024-12-13 04:10 ص
 

البيان الوزاري لحكومة الملقي العبرة في التنفيذ!

06:58 ص

استمعنا مطولا ولمدة تقارب الساعة والنصف لخطاب البيان الوزاري الذي احتوى على عدد كلمات وصلت الى 7492 كلمة . بيان لا احد يستطيع أن يقلل من اهميته وشموليته من حيث الشكل والمحتوى، فقد غطى الخطاب مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالمرأة والشباب والتعليمية والخدمية والبيئية والادارية والقضائية والعسكرية والامنية وغيرها . لكن لا بد من الاعتراف بأن لا شيء جديد في البيان فهو مراجعة وخلاصة شاملة لبيانات الحكومات السابقة وفيه تذكير لمختلف الاستراتيجيات والسياسات السابقة. وقد يكون هذا التفصيل مملا للكثيرين من النواب المخضرمين وللمتابعين ولكنه قد كون مفيدا لأعضاء مجلس النواب الجدد وخاصة الحديثين على العمل السياسي.اضافة اعلان


البيان بخطوطه واستراتيجياته العريضة يهدف الى تحقيق المصلحة الوطنية، ولكنه ببعض تفاصيله يثير العديد من التساؤلات. فمثلا عندما يتعلق الامر بتنفيذ المرتكز الأول لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والمتعلق بأمن التزود من نقاط دخول متعددة فهذا يشمل اتفاقية أثارت تساؤلات متعددة، وما يتعلق بهدف تخفيض نسبة المديونية للناتج المحلي الاجمالي من 94 بالمئة حاليا الى 77 بالمئة عام 2021 والمتعلقة بتعديل قانون ضريبة الدخل والمبيعات، فالتوجه المعلن هو تخفيض ضريبة المبيعات من 16 بالمئة الى 12 بالمئة مع الغاء الاعفاءات. والقطاعات المتوقع لها أن تستفيد هي غير المحتاجة في حين أن القطاعات التي ستتأثر سلبا هي الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وهنا يكمن الشيطان. لو كنت بمكان رئيس الوزراء لاخترت عددا محدودا جدا من المشاريع في كل قطاع لتنفيذه خلال عام 2017 وعددا أخر ليتم تنفيذه في العام 2018 وهكذا.

رأينا رئيس الوزراء يتحدث عن السياسة التموينية للأعوام 2017 – 2021 ثم ذهب للحديث عن الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطاقة للأعوام 2015 - 2025 ثم الحديث عن قطاع السياحة ثم عاد للحديث عن قطاع الزراعة. وكان الأجدى أن يتم ربط السياسة التموينية مباشرة بقطاع الزراعة والأمن الغذائي وسياسة التصدير والاستيراد. وهنا لا بد من الاشارة الى اغفال البيان لسياسة الاستيراد كأحد أجنحة السياسة التجارية التي يجب أن يتم من خلالها تقييم مختلف الاتفاقيات التجارية السابقة لصالح الاقتصاد الاردني. الأولوية في الانتاج الزراعي المحلي يجب أن تكون لتلبية حاجات الاستهلاك المحلي. فخيرات ارض غور الاردن وسهوله وجباله ومياهه الشحيحة يجب أن توجه لتلبية حاجات المواطن الاردني أولا وبعدها نهتم بالتصدير للخارج وتلبية حاجات مواطني الدول الاخرى. وهنا يجب التركيز على اجراءات عملية مهمة مثل التأكد من صحة اجراءات تخزين المواد الغذائية في مختلف أسواق الجملة وفي مختلف المواسم وخاصة في الصيف وسلامة التبريد عند الاستيراد عبر الطرق البرية والبحرية والجوية.

باعتقادي أن بيانا بهذا الحجم وهذا التشعب يحتاج لأكثر من عشرين عاما حتى تتمكن الحكومة والدولة الاردنية من تنفيذه، الا أن الرئيس أكد في ختام بيانه بأن الحكومة تتعهّدُ بالعملِ بكلّ ما أوتيَت من عزيمةٍ، وبهمّةٍ عاليةٍ، وبحزمٍ لا يلين، على أن تنفّذَ برنامجَها الشاملَ بدقّةٍ متناهيةٍ، وبواقعيّةٍ عمليّة، دون مبالغةٍ أو تسويفٍ أو تنظير. علينا أن نكون عمليين في التفاؤل. أن تجاربنا السابقة مع مختلف الحكومات لم تثبت أنها استطاعت تحقيق جزء يسير من بيانها الوزاري سواء كنا نتحدث عن حكومات الاشهر أو حكومات السنوات. مشروع كالباص السريع لم ننجز منه خمسة بالمئة وقد مر على طرحه للتنفيذ حوالي عقد من الزمان. كما ان شارع بطول 3 كم في منطقة الحمر كان يفترض أن ينتهي بثمانية أشهر وها قد مرت عليه اكثر من ثلاث سنوات وما يزال العمل فيه قائما، فكيف سيكون الحال أذا ما تعلق الأمر بالمشاريع الكبرى!!. وخاصة أن أبرز المعوقات أمام تنفيذ المشروعات الكبرى هو شح التمويل وعدم اكتمال دراسات الجدوى في قطاعات كثيرة وعدم قناعة الوزراء الجدد بسياسات الوزراء الذين قبلهم والامثلة كثيرة في عدة وزارات، وهنا لا نتحدث عن أشخاص الوزراء وانما عن سياساتهم.

وزارة العمل على سبيل المثال، قضية رئيسية يحب أن تعطيها اهتماما كبيرا وهي ادارة العمالة الوافدة وتشغيل العمالة الاردنية في مختلف القطاعات ومن ابرزها قطاعات المنازل والزراعة والانشاءات والمطاعم ومحطات الوقود وغيرها . وقد أفرد البيان الوزاري مساحة لها. وهذا أمر حسن. احلال العمالة الاردنية محل العمالة الوافدة يكون عن طريق ايجاد حوافز وبيئة ملائمة من أجور ورواتب مجدية وتأمينات صحية ونقل ومواصلات وظروف سليمة وملائمة تشجع الاردنيين الاندماج في تلك القطاعات.

وفيما يتعلق باتفاقية قواعد المنشأ مع الاتحاد الاوروبي كان الاجدى أن يتم التركيز فيها على تعديل شروط قواعد المنشأ بحيث يكون شرط اشراك العمالة السورية ليس مقيدا بقطاع ومنطقة اقتصادية او صناعية محددة اذا كان الهدف هو ادماج العمالة السورية وتشغيلها.

ما يؤخذ على بيان الحكومة عدم تطرقه للدور الذي يقوم به المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي قدم وما يزال يقدم مجموعة كبيرة من الدراسات والتوصيات في العديد من القضايا التي تهم الاقتصاد الوطني كان اخرها دراسات حول المخدرات والسياسة الضريبية . قطاع التعليم مثلا بحاجة ماسة لرقمنة المناهج للتخفيف عن ظهور وأكتاف أبنائنا الطلبة. حمل الاعداد الكبيرة من الكتب الثقيلة والدفاتر.

وفيما يتعلق بمراجعة التشريعات على الحكومة ان تحرص أن تصب التعديلات التي ستدخل على التشريعات في مصلة الاقتصاد الوطني وان لا تكون منحازة للخزينة فقط ولأصحاب رؤوس الاموال والأغنياء بل أن تحمي الطبقة الفقيرة وتحافظ على الطبقة المتوسطة. وأن لا نسمح لجماعات الضغط والمصالح الخاصة بتر تلك التشريعات وتشويهها.

الاوضاع الاقتصادية متفاقمة وقد تضاعفت سوءا وأبرزها ارتفاع معدلات البطالة وتراجع معدلات النمو وارتفاع في حجم ونسب المديونية وارتفاع في حجم ونسب العجوزات المختلفة وتحتاج لعمل مكثف من كافة الاطراف حكومة وبرلمان وقطاع خاص وعلى كافة الاصعدة للتخفيف من ضغوطاتها.

تفاصيل أخرى كثيرة يمكن الحديث عنها ولكن نكتفي بهذا القدر ونقول أن العبرة ليست في طول البيان أو تفاصيله وانما في التطبيق على ارض الواقع. فكم من المشاريع ستتمكن هذه الحكومة من تنفيذها على أرض الوطن وكم من مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستنفذ وستساهم في التخفيف من حدة المعضلات الكثيرة التي يعيشها المواطن والوطن. نترك الاجابة للزمن.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة