السبت 2024-12-14 09:54 م
 

التحقيق مع نتن ياهو

07:42 ص

هناك احتفالية كبيرة في الوسائط الإعلامية العربية حول مسألة تحقيق الشرطة «الاسرائيلية» مع رئيس الحكومة نتن ياهو وزوجته فيما يتعلق ببعض شبهة الفساد المنسوبة إليهما في علاقة الرئيس مع عدد من رجال الأعمال وأصحاب المواقع الإعلامية؛ الذين يشتبه في حصولهم على شيء من التسهيلات مقابل تقديم بعض الخدمات والامتيازات، وأحياناً تكون الأخبار على نحو يحمل لوناً من الأمنيات التي تحوي قدراً كبيراً من السطحية والسذاجة.

اضافة اعلان


تقديم رئيس الحكومة للتحقيق يمثل مظهراً من مظاهر العدالة في أي دولة حتى لو كانت عدوة، ويعطي مؤشرات قوة لديها ولا يعطي مؤشرات ضعف، حيث أن مؤسسات الدولة الرسمية تملك القوة الكافية التي تجعلها قادرة على استدعاء رئيس الحكومة وزوجته وحجزهما أو منعهما من السفر، من أجل استكمال عمليات التحقيق في الشبه الواردة عليهم في بعض التقارير المرفوعة من قبل الجهات المختصة، بل رأينا أن القضاء «الاسرائيلي» استطاع محاكمة كبار الشخصيات المتنفذة وتم إصدار حكم بالسجن ضدهم، وبعضهم ما زال يقضي محكوميته في غياهب السجون.


وما زلنا نذكر محاكمة زوجة رئيس الحكومة الأسبق رابين، عندما أودعت «400» دولار في بنك أجنبي وهذا يخالف القانون «الاسرائيلي» في هذا الشأن، وقد أدى إلى استقالة رابين وقتذاك من رئاسة الحكومة بسبب هذه الفضيحة المدوية، كما أن « نتن ياهو» في فترة رئاسته الأولى عندما فشل في الانتخابات العامة للكنيست، وعندما أراد أن يغادر مبنى رئاسة الوزراء تم تفتيش حقائبه، وتم إفراغ محتوياتها وإرجاع الهدايا التي أهديت إليه من بعض زعماء العالم إلى مبنى رئاسة الوزراء، لأن هذه الهدايا تعد ملكاً للدولة برأيهم وليست ملكاً شخصياً للرئيس.


أردت أن أقول أن المجتمع «الاسرائيلي» يملك في هذا السياق ما لا تملكه المجتمعات العربية العربية من القدرة على محاكمة المسؤولين وكبار المتنفذين على هذا النحو القانوني السهل، الذي لا يثير ضجة ولا يشكل خرقاً إعجازياً، على الرغم من حجم الفساد لا يقارن مع ما يطلق عليه شبه فساد لدى دولة الكيان المحتل، ولم يسجل التاريخ العربي الحديث محاكمة أو تحقيق على هذا النحو مع أحد الكبراء والمتنفذين، ولذلك يمكننا القول بكل صراحة أن هذا يشكل نقطة ضعف كبيرة وكبيرة جداً في الوطن العربي، ولا مجال أمام المجتمعات العربية بالنهوض والتقدم إلّا إذا وصلت إلى مرحلة امتلاك القدرة على محاكمة المسؤولين الذين امتدت أيديهم إلى خزينة الدولة وإلى المال العام دون حسيب أو رقيب، وكانوا سبباً في انهيار اقتصاديات عربية، وكانوا حجر عثرة أمام استعادة الشعوب العربية قوتها وسيادتها على مقدراتها واحتفاظها بكرامتها وسلامة إرادتها.


القضية التي تستحق الاهتمام هي تقديم المسؤول إلى التحقيق والمحاكمة وهو على رأس عمله، ، وليس بعد مغادرته موقع المسؤولية وتجريده من قوته، الذي يشكل أكبر مظهر من مظاهر سيادة القانون وأوضح معلم من معالم العدالة التي تضمن تحقيق الاستقرار والازدهار الحقيقي.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة