الجمعة 2024-12-13 07:55 م
 

التقوقع في الماضي أنسانا المستقبل

10:45 ص

في محاضرة ألقاها صديقي الأمريكي الشيخ حمزة يوسف أشار إلى بعض المشاكل التي تعاني منها الأمة الإسلامية، ومن خلال ذلك قدم بعض الحلول. ربما آراء الشيخ حمزة جديرة بالاهتمام لعدة أسباب أهمها: أنه ممن درسوا العلوم الشرعية وأمضوا عمرا في ذلك، كما أمضى زمنا طويلا في الدعوة إلى الله تعالى، وقد زار العديد من الدول الإسلامية، وأخيرا هو أمريكي، أي من ثقافة مختلفة، ينظر إلى أمتنا العربية والإسلامية من الخارج.اضافة اعلان

وكان مما قاله الصديق العزيز: (أول ما يجب علينا أن نفعله هو أن نوقف الحنين إلى الماضي، واحدة من الأشياء المثيرة للاهتمام في المجتمعات المسلمة أنه لم يوجد أبدا أي برنامج تلفزيوني ناجح عن الخيال العلمي، «ستارتيك» –مسلسل خيال علمي- لا ينفع في المنطقة العربية؛ لأن المسلمين لا يستطيعون تخيل المستقبل، لأن الحنين يجرّهم إلى الماضي، وهذه واحدة من مآسي المجتمع المسلم الحديث، هم دائما يتحدثون عن الماضي: كيف كنا عظماء،...قال أرسطو: «الشباب يتحدثون عن المستقبل؛ لأن ليس لديهم ماضي، وكبار السنّ يتحدثون عن الماضي؛ لأن ليس لديهم مستقبل». والحضارة الإسلامية مثل الرجل المُسِنّ، ولكن نحن لسنا كذلك، نحن لدينا الكثير من الشباب، وهم يحتاجون إلى الأمل، ويحتاجون إلى الإلهام، يحتاجون لأن يفكروا بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل،..لذا يجب أن نكون متفائلين دائما ومستبشرين بالمستقبل، ولا يجب أن نيأس أبدا).
أتصور أننا نوافق الشيخ حمزة في كثير مما قاله إن لم نوافقه فيه كله، فما سماه الحنين إلى الماضي أسميه التقوقع في الماضي، وكأننا نريد أن نختبئ في قوقعة الماضي كي تحمينا من الفشل الذي نعيش فيه، وكي تكون مبررا لتخلف الأمة وانهزامها. يجب أن نكسر هذه (القوقعة) التي نستعملها في كل حوار حول الحضارة أو التقدم، فلا يفيد أن نقول: كنا وكنا، وكنا...حتى اكتفينا بقولها، وانشغلنا بترديدها عن العمل والجد والاجتهاد.
جميل أن يعتزّ الإنسان بماضيه، ومن لا ماضي له، لا حاضر له، لكن من القبيح جدا أن نتكل بتعريف أنفسنا على ماضينا فقط، وأن نظلّ بلا هوية معاصرة، فإن طُلبنا في ميادين المعرفة، قلنا: كنا وكنا، أما الآن فنحن لا شيء.
لقد فقدنا القدرة على الخيال، وانحزنا إلى الواقعية بجانب الماضوية الذي نحتضنها، وهذا أمر غاية في الخطورة، ويدل على خطورته ما قال العالم ألبرت أينشتاين: (الخيال أكثر أهمية من المعرفة، فهو يحيط بالعالم). لا حدود للخيال يقف عندها، وليس له قواعد، فهو بوابة الإبداع، لذلك كان أكثر أهمية من المعرفة التي بنيت على القواعد والحدود.
وعلى الرغم من أن المجتمعات المسلمة مجتمعات فتية وشابة، إلا أن أفرادها يفكرون ككبار السن، الماضي فقط، كان خالد بن الوليد، وكان صلاح الدين، وكان الرازي، وكان ابن النفيس. نعم لقد كانوا فصرنا، وإلى أين نحن ذاهبون؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي أن نجد جوابه.
وصلنا في كثير من الأحيان إلى مرحلة اليأس والقنوط، وهذه خطيئة ربما يفوق إثمها إثم التخلف نفسه، فالتخلف عن ركب الحضارة أمر طبيعي في حياة الأمم والشعوب، أما اليأس والقنوط فخيانة لروح الأمة، لأن اليأس يعيق تقدمها مرة أخرى. ومن الذين عبروا عن الإحباط الشديد الذي يمرّ به كثير من شباب الأمة، ولربما مرّ به هو شخصيا، الأستاذ محمد الماغوط، ففي مسرحيته (كاسك يا وطن)، فبينما ينتظر (غوّار) مولودته أحلام، التي تمثل الحلم العربي في النهضة والتقدم، ماتت أحلام.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة