الجار والمجرور والمجرور به

باتريشيا أحمد الحجاوي



- انهم كانوا يُستدعون لا ليقولوا بل ليعززوا سياسة الحكومة, وليطلقوا الدعاية ضد الأعداء الرسميين, وليحجبوا الحقيقة باسم الشرف الوطني .. جوليان بندا.

المستثقف, هو شخص ما من الشعب يمثل: تاجر مثلا 'يفكر في اتجاه واحد' + جريدة, قناة تلفزيونية, راديو + فنجان قهوة وحيد على الطاولة من الصبح للظهر+ منتفع من فساد + طائفي حاقد, ويعتقد أن هتلر ينتمي الى جماعة القاعدة... مثلا.
المستثقفين موجودون في مجتمعاتنا بكثرة, نظره تأمل وتمعن لما بين السطور التي يطرحونها بالتأكيد سوف تؤدي إلى ما لا يدركه العقل ولا تراه العين.
لو حاولنا تعريف الحرية بشكل بسيط جدا, حرية الرأي وسعة أفقها لا تحتاج إلى شرح مسهب, كل ما عليك خروجك من من منزلك ورفع نظرك إلى السماء عاليا, بمسافة نظرك هي فضاءات حرية الرأي. ولو استخدمت تلسكوب وغصت في جوف الفضاء فأنت ما تزال في حدود فضاءاته هو.

أما المنغلقين, فهم أشخاص يتسمون بفكر محدود ويحملون سلال صغيرة, وكل ما جمعك بهم هو طريقه حوار ونقاش اختلفت معهم فيه, حينها سيضعونك مع اشاءهم التي التقطوها على طريقتهم وسوف يصنفونك إلى موالي أو معارض أو ربما ملحد وقد تكون كافر أو فاسق أو زنديق.

إن حقوق الإنسان كما بين لنا ساسة الغرب أكثر من مرة نظرية غير قابلة للتطبيق حتى عند من تزعموا أنهم تبنوها ودافعوا عنها. تلك الحقوق فكرة مطاطية بين أيديهم يؤولونها وفق أهواهم.

منذ بداية أحدا ما اسموها بـ 'ثورة انقاذ الثورة' في مصر, يتبناها بشكل رئيسي جماعة 'بلاك بلوك', ولا يفوتنا الإشارة إلى البرادعي, وصباحين, و شفيق, وتأيدهم لهذه الثورة ضد ما يضعونه في فكرهم 'أخونه الدولة'. ولن أدخل في مقالي هذا بذكر تاريخ من ذكرت اسماؤهم آنفاً فجميعهم ينخرطون تحت بند 'سيء السيط'.

منذ بداية هذه الثورة لم تنفق وسائل الإعلام عن الحديث عما يحدث في ميدان التحرير من شرب وسُكر وحالات تحرش وغيرها.. عن من يسمون أنفسهم 'جبهة الخراب' .. آه آه عذرا نسيت 'جبهة الانقاذ'.

ثم وبعد أسبوع نسمع عن حالات اغتصاب جماعي لفتيات شاركن في تلك المظاهرات المندده للرئيس مرسي, التي سرعان ما ضجت بها وسائل الإعلام وبدأت العتصامات في بعض الدول تنادي بحقوق المرأة وتندد بحالات الاغتصاب التي حدثت للفتيات وبعضهم طالب بمحاكمة مرسي متهمة اياه بعدم حماية 'الثورة'.

ورغم أن وسائل اعلام اخرى تناقلت أخبار تفيد بأن جماعة 'بلاك بلوك' من قامت بهذا العمل وكان ذلك على لسان بعض من وقعن ضحيه الاعتداء الجنسي.

صدقاً لا أعرف من أين أبدأ في الحديث عما أسموه بـ 'حقوق المرأة' هذا لو كان ما يطرح أساسا يعبر عن حقوق المرأة. لم يكن تعبير 'حقوق المرأة' تعبيراً بريئاً, ولم ينحت هذا الشعار استرداداً لحق فقدته المرأة من الرجل, بل من النظام القائم, وهو في حقيقته مظهر من مظاهر التمرد والانعتاق شيئاً فشيئاً لتنخلع المرأة المسلمه من منظومه القيم التي تنظم حياتها.

كان هذا ترحيلاً لمشكلة المرأة التي كانت وما تزال واقعة في حياة الغرب قبل ما سمي بعصر نهضتهم وما زالت. فكما رحلوا الينا مشكله الفصام والرصاع بين الدين والعلم التي عاشوها وألصقوها بنا رحلوا الينا مشكله المرأة.

تعجبت من أحد الأصدقاء لدي على الفيس بوك عندما طرحت وبينت وجهة نظري فيما يتعلق بالاعتصامات ودفاعها عن حرية المرأة وتنديدها لما حدث للفتيات في ميدان التحرير وذكرت أن الاسلام توجها كملكه, فرد عليّ بما معنى كلامه أن الاسلام ظلم المرأة وأهانها بقوله 'ناقصات عقل ودين', وسألني ان كنت أنكر هذا.

للأسف صديقي وربما آخرون لا يعرفوا المعنى الحقيقي لـ 'ناقصات عقل ودين'.
العقل من العقال ، بمعنى أن تمسك الشيىء وتربطه ، فلا تعمل كل ما تريد .
فالعقل يعني أن تمنع نوازعك من الانفلات ، ولا تعمل إلا المطلوب فقط .

إذن فالعقل جاء لعرض الآراء ، واختيار الرأي الأفضل . وآفة اختيار الآراء
الهوى والعاطفة, والمرأة تتميز بالعاطفة حيث إن الصفة والملكة الغالبة في المرأة هي العاطفة,وهذا يفسد الرأي. ولأن عاطفة المرأة أقوى ، فإنها تحكم على الإشياء متأثرة بعاطفتها الطبيعية.

إذن فالعقل هو الذي يحكم الهوى والعاطفة ، وبذلك فالنساء ناقصات عقل, لأن عاطفتهن أكبر من عاطفة الرجال.
أما ناقصات دين فمعنى ذلك أنها تعفى من أشياء لا يعفى منها الرجل أبداً.

فالرجل لايعفى من الصلاة, وهي تعفى منها في فترات شهرية . . والرجل لا يعفى من الصيام بينما هي تعفى كذلك عدة أيام في الشهر . . والرجل لا يعفى من الجهاد والجماعة وصلاة الجمعة . . وبذلك فإن مطلوبات المرأة الدينية أقل من المطلوب من الرجل.

وفي عودة لموضوعنا, شاهدت الاعتصامات فيما يتعلق بحقوق المرأة والمناهضة لما حدث للفتيات في ميدان التحرير. منذ اليوم الأول لما أسموه بثورة ضد مرسي أو تلك الأسماء المتشابهة خاصة 'جمعة الرحيل 1' ثم 'جمعة الرحيل 2' ثم 'جمعة الرحيل 3' ولا أعلم الى أي جمعة وصلنا الآن, كنا نسمع عن الشرب والسُكر وحالات التحرش.. ومع كل هذا نزلن الفتيات الى ميدان التحرير للتظاهر ضد مرسي, وحدث ما حدث 'اغتصاب جماعي', ثم ينادي البعض بمحاكمة مرسي حيث انه كان عليه تأمين وحماية الثورة!!!!! هل يعقل هذا يا قوم؟؟!! ولو فكرنا بطريقة ساذجه جدا وسألنا بغباء 'أيهما أرحم حكم مرسي أم حكم هؤلاء؟؟'.

الذين خرجوا لنصره هؤلاء الفتيات للدفاع عن حقوقهن 'ولا أعلم أي حقوق', لماذا لم أسمع بخروجهم لنصره النساء السجينات في العراق؟ فهن أيضا يتعرضن للتعذيب والاغتصاب, حتى أن عدد لا بأس به منهن أصبن بداء الجرب وذلك لأن ادارة السجن لا تسمح لهن بالاستحمام واستبدال ملابسهن 'الدشداشه' الا مره كل شهر.

لماذا لم أسمع أن أحداً خرج يندد بما يتعرض له أهل السنة في العراق؟ لماذا لم أسمع أن أحداً خرج يطالب بحقوق العرب الأحواز التي استعمرت بلادهم ايران وتحرمهم من ابسط الحقوق على سبيل المثال 'تمنع التسميه بالاسماء العربية' وهذا ابـــســـطـهـا.

لماذا لم تخرجوا من أجل الروهينجيا؟ لماذا لم تخرجوا تطالبوا باسترجاع مالي؟ مالي دولة اسلامية, قام بزيارتها فرانسوا هولاند بعد ثلاث اسابيع تقريباً على بدء التدخل العسكري الفرنسي لدعم القوات المالية ضد المقاتلين الإسلاميين في شمال البلاد. ويجدر الإشارة هنا إلى أن مالي دولة غنيه بالموارد الطبيعية.
الجواب ببساطة 'الإعلام', وبعبارة أخرى 'السيطرة على العقل'.

من جعل من هؤلاء الفتيات ضحيه بشعه تضجر لها الانسانية وتناسى 'الأُضحيات الاخريات', ومن جعل من حماده 'بوعزيزي مصر' وتناسى الآخرون. فحملوا الشعارات وساروا بها.

كم تمنيت لو أن أحدهم سرق دقائق من الوقت ليقرأ عن ما يحدث للمرأة في دول الغرب عن ارتفاع معدلات التحرش والاغتصاب ليس للنساء فقط بل وللأطفال أيضاً, وهناك الكثير من الفضائح للكنائس المتعلقه بهذا الشأن. لعرف حينها معنى حقوق المرأة التي يريد الغرب صهرها في عقولنا.

الأدهى والأمر ذاك الذي سمعناه عن المسحول 'حماده', لوهله شعرت أنه سيصبح بوعزيزي مصر, ليس اجحافاً بحقه ولا انكاراً لما أصابه؛ لكن عندما سمعت أن هناك من سيطالب بتدخل جهات دولية لأخذ حق حمادة حينها تأكدت أن حماده وقع ضحيه 'جبهة الخراب.

يقولون ان الاعلام هو الذي خلصنا من الدكتاتورية ونسو هؤلاء ان هذا الاعلام دكتاتورية أعظم وأخطر من الحكام ونسوا أن من يتحكم بالحكام هم نفسهم من يتحكمون بوسائل الاعلام, ونسوا ان الدكتاتورية الغير مباشرة التي يمارسها الاعلام الموجه أكثر ايذاءاً من أي دكتاتورية أخرى, لأنه ببساطه يتحكم بالعقل.

الاعلام كالساحر الذي يعمي الأبصار والقلوب بأساليب التكرار والاصرار على تكرار المفاهيم الفاسدة التي يريد ترويجها للناس, كما يتلاعب بالألفاظ حتى يغير معانيها. فيغير مفاهيمنها ويتحكم بعقولنا من كثرة ما يبث من برامج ويصور لنا الأشياء كما يشاء وكما يريد أن يزعرها بنا.

وأخيراً أقول, لا شك أن للاعلام العربي التابع للاعلام الغربي دور كبير جدا في انجاح الحملة الشرسة التي يشنها الغرب على الدول العربية بشكل عام وعلى الإسلام بشكل خاص, وهي مؤامرة قديمة جديدة ومستمرة. لذلك كان لا بد أن ننظر لهذه الوسائل الإعلامية المكثفة بعين الناقد الثاقبة فنمحص ونبحث عن الحق.

ما هي الطريقة الأجدى والأكثر فاعلية للسطيرة على العالم؟؟؟ الجواب, التحكم بالعقل.

إذ أردنا طرد الإنجليز بالسلاح الذى استعبدونا به , فإن استعبادنا سيظل معنا حتى عندما يخرجون ... غاندي.

باتريشيا أحمد الحجاوي

[email protected]