الأربعاء 2024-12-11 01:37 م
 

الحدود السورية: حان الوقت لترتيبات أخرى

01:03 م

فتح أو إغلاق الحدود مسألة من أعمال السيادة ويجب أن لا تخضع للضغوط والمزايدات ولا للعواطف، فقد كان الأردن الأكثر وضوحا أخلاقيا وإنسانيا على مدى سنوات الأزمة السورية، والموقف الحالي بالاستمرار في إغلاق الحدود لا يقل وضوحا أخلاقيا عن المواقف السابقة. وفي الوقت الذي بات فيه الحسم الاستراتيجي بيد الجيش السوري ليس في الجنوب بل وفي غيره من الأراضي السورية، فإن أغلبية من يتم وصفهم باللاجئين اليوم والذين تدار ماكنة الدعاية بكاء عليهم هم من الجماعات المتطرفة والمعارضة المسلحة والإرهابين الذين يدينون بالولاء لقوى إقليمية ودولية وباتوا محاصرين بعد أن تخلت عنهم تلك القوى.اضافة اعلان

ومع هذا، من المتوقع في ضوء استمرار المعارك أن تزداد الحاجة لمعالجات إنسانية للأوضاع على الحدود، ما يتطلب ترتيبات من نوع آخر، فقد حان الوقت للحديث مباشرة مع دمشق ولو في حدود الاعتبارات الإنسانية التي قد تطلب ترتيبات للتدخل الإنساني داخل الحدود السورية.
رسميا، أعلن الأردن استعداده لدعم الجهود الأممية والدولية لتقديم المساعدات داخل الحدود السورية، ولكن هذا لا يكفي وحده، فالأمر يحتاج الى ترتيبات مع الطرف الأقوى الذي بات يملك السيادة على معظم الأرض، ومن منطلق توفير الحماية للشعب السوري وضمان المصالح الوطنية الأردنية في منع تسلل الإرهابيين الى الأراضي الأردنية. علينا أن ندرك أن اتفاق خفض التصعيد الذي نجح الأردن مع روسيا والولايات المتحدة باستمرارها لأطول فترة هو في الحقيقة إجراء مؤقت، والمطلوب هو الاستقرار الدائم على الحدود.
الى هذا الوقت، ما تزال الأعداد التي تصل الى مناطق قريبة من الحدود قليلة جدا، ولكن مع استمرار المعارك واتساع نطاقها، فمن المتوقع أن تنشأ بؤر متعددة على طول الحدود تشبه مخيم الركبان، ما يعني المزيد من التعقيدات الأمنية والإنسانية، فالأوضاع الإنسانية سوف تزداد قسوة وتعقيدا فيما سوف تتحول المخيمات المتوقعة الى بيئة جاذبة للإرهابيين الهاربين من مواقع الضغط العسكري على الجبهات المتعددة التي باتت توقع الخسائر بعدد من التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش وجبهة فتح الشام (النصرة). هذان التنظيمان يضمان أكبر عدد من المقاتلين العرب والأجانب والكثير منهم تسللوا من مختلف المناطق السورية بانتظار هذه اللحظة بحثا عن الهروب.
يلاحظ في هذا الوقت حجم ودور الدعاية السياسية في إدارة الملفات السياسية الإقليمية؛ وهذا ما يحدث اليوم في إدارة ملف الأوضاع في الجنوب السوري، فعكس ما اعتدنا عليه بأن تكون الدعاية السياسية إحدى أدوات السياسة الخارجية للدول، نجد اليوم أن السياسات الخارجية الإقليمية تكاد تدار بالكامل من خلال الدعاية السياسية؛ حيث تتكاثر أنماط متنوعة من صناعة الأكاذيب ومن التلفيق وينشط الخيال السياسي المريض، وتنمو هذه الظاهرة الى جانب نمو أنماط أخرى من الشعبوية وتصنيع الرموز وبيع الناس مشاعر وانفعالات قد تكون زائفة وهذه الظواهر في الأغلب زائفة، ولا تخدم الواقعية السياسية التي يحتاجها الأردن.
يعرف الجميع أن الأوضاع التي تذهب إليها الأحداث في سورية لا تسر معظم دول الإقليم التي راهنت على مدى السنوات الماضية على فصائل مسلحة من كل الملل والألوان، في ضوء هذا التطور، فإن الأردن مطالب أكثر من أي وقت مضى بالمبادرة للدعوة لترتيبات من نوع آخر، علينا أن ندرك أن ملف اللاجئين وما يحمله من طابع إنساني يسوق في هذا الوقت دعائيا كغطاء لمصير عناصر عشرات التنظيمات المسلحة التي تتركز في الجنوب السوري، من دون أن نغفل احتمالات تفاقم الوضع الإنساني، لكنه في كل الأحوال لن يتجاوز الأوضاع في الغوطة الشرقية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة