الأحد 2024-12-15 12:05 ص
 

الحوار غير الفعَّال يضرُّك .. ويضرّ الآخرين

10:54 ص

الوكيل - اللغة هي طريقة التواصل بين البشر، وطريقة استخدام مفرداتها قد تفتح لك باب التفاهم والتآلف والنجاح، أو باب الجدال والامتعاض وجرح المشاعر والفشل، سواء على الصعيد الشخصي أو الوظيفي. فكل منا يعرف أن استخدام المفردات الخاطئة، أو التعبير بشكل ضعيف قد يُضعف التواصل مع الآخرين، أو يشير إلى تفسيرات خاطئة لا نقصدها. فالكثير منا مرّ بتجربة تواصل قصد منها خيرا، ولكن الطريقة التي عبّر بها عن فكرته أوصلتها إلى المستمع بشكل خاطئ، وأدت إلى تبعات لم يرغب فيها، وأضرّت بعلاقته مع الآخرين.اضافة اعلان


وقد تناول عدد من الخبراء موضوعات لطرق الحوار البنَّاء والأخطاء الأكثر شيوعا، التي تُرتكب أثناء التواصل (الحوار) مع الآخرين. وبشكل عام، هناك أربعة أخطاء يشيع ارتكابها في الحوار غير الفعال والمثير للمشاكل، وهي



1 - استخدام كلمة «أنت» وإصدار الأحكام

من الأخطاء الكلاسيكية أن يبدأ المتحدث بكلمة «أنت»، ويتبعها بجملة فيها توجيه الاتهام، مثل: «أنت السبب، أنت يجب عليك، أنت تحتاج، أنت يلزم عليك»، أو أن يبدي حكما سلبيا ويعطي الأوامر، مثل: «أنت لست جيدا كفاية، يجب عليك الانتباه الى، يجب عليك القيام بهذا، يجب ان تفهم الامر، يجب عليك التصرف بحكمة».

فمعظمنا لا يحب أن يطلق عليه الآخرون أحكاما أو أن يأمروه بفعل ما. وعندما تستخدم كلمة أنت وتضيف إليها توجيها أو حكما، فأنت بذلك تثير لدى المستمع مشاعر الدفاع والاستياء والغيظ تجاهك. وهذا النوع من التواصل من المحتم أن يؤدي الى المشاكل، لأنه يظهرك كمهاجم، وعلى المستمع أن يأخذ دور الدفاع، مما يفقدك تجاوبه معك. وفي المقابل، من المفيد الاستعانة بجمل «أنت الإيجابية»، التي تبدأ بكلمة «أنت»، ويتبعها رأي إيجابي، مثل: «أنت أديت المطلوب، أنت قمت بعمل رائع، لديك شخصية رائعة»، أو استخدام جمل حيادية تبدأ بكلمة «أنت»، ويتبعها ذكر معلومة أو حقيقة، مثل: «أنت ثالث شخص يصل هنا، ستجد معلومات أكثر من خلال القراءة». فهي تُكسبك تحالف المستمع وانتباهه.



2 - جمل التعميم

جمل التعميم عبارة عن تصريحات تعمِّم صفات الشخص أو سلوكياته بطريقة سلبية. وغالبية هذه الجمل تطلق أحكاما مطلقة، مثل: «دائما وأبدا، وفي كل مرة، ومرة ثانية، والجميع يعلم». وقد يرافقها استخدام كلمات تبدأ بـ «أنت» السلبية، مثل: «أنت تترك الباب مفتوحاً دائماً، أنت لا تهتم بالنظافة أبدا، أنت تخفق ثانية، الكل يعرف أنك كسول جدا، أنت تنسى دائماً، في كل مرة تفعل ذلك، الجميع يعرف أنك سيئ الخلق».

وجمل التعميم تبدأ في إشعال نار الجدال، لأنها عبارة عن إطلاق أحكام عامة، وتُظهر أن المتحدث متأكد من استحالة تغيّر المستمع أو إمكانية تحسّنه. كما تشير جمل التعميم إلى صفة سلبية تلصق بالمستمع من دون ذكر لكيفية التحسّن، أو ما هو المطلوب، فهي إذاً تقوم بتثبيط أي رغبة في التغيير وتعيق تفكير المستمع أيضا. ونظرا إلى سهولة نقض هذه الجمل وتعرّضها للانتقاد والهجوم، فتعد من أكثر الجمل جدلا ونزاعا وتفقد الحوار مصداقيته. على سبيل المثال، لو قلت: «أنت لا تغسل الأطباق أبدا»، فكل ما علي فعله هو ذكر مرة واحدة قمت فيها بتنظيف الأطباق، فتقول: «أنت مخطئ هذه ليست الحقيقة، فقد غسلت الأطباق مرة في العام الماضي»، وتكون بذلك قد ناقضت جملة التعميم وبدأت جدالا. وبدأت في نقاش لا يركز على ما تريده، بل على إثبات أنك على حق فقط. ومن المهم جدا، تفادي استخدام جمل التعميم أثناء التواصل مع الأطفال، لأن لها أثراً محبطاً ومدمراً للثقة بالنفس.



3 - التركيز على الشخص وليس الموضوع

في كل حوار هناك عاملان رئيسيان هما الشخص الذي تتواصل معه، والموضوع أو السلوك الذي تحاول أن توضحه.

وطريقة التواصل الفعالة هي أن يعرف المتحدّث كيفية الفصل بين الموضوع الذي أزعجه وبين الشخص، فيكون رقيقا ومتفهّما للشخص، ولكن في الوقت ذاته قاسيا على الموضوع. التواصل غير الفعال قد يقوم بالعكس، فيُشعر الشخص بأنك لست ضد ما قام به، بل ضده هو، مما يجعل الأمور تصبح شخصية بينكما. فإن كنت قاسيا على الشخص ولم تركز على أهمية موضوع النقاش، فأنت بذلك تثير ردة فعل سلبية ومعادية من المستمع، الذي سيعتبر ما تقوله أمرا شخصيا، ويعتقد أنك تهاجمه لذاته وليس لتصرفه، أو لموضوع ما. والنتيجة أنه سيشعر بالغضب والجرح وعدم الرغبة في الاستماع أو الحديث. ومن الخطأ استخدام كلمات «أنت» وإطلاق الأحكام وتوجيه الاتهامات الشخصية، بدلا من تحديد سبب الخلاف أو الموضوع. والأمثلة التالية للإيضاح:

- الحوار غير البناء: أنت غبي.

- الحوار البناء: أنت ذكي، لكن ما قمت بعمله هذا الصباح ليس ذكيا.

- الحوار غير البناء: أنت لا تقوم بترتيب الغرفة أو تنظيف نفسك، أنت قذر وكسول.

- الحوار البناء: لقد لاحظت أنك لم ترتب غرفتك وتغسل وجهك هذا الصباح.

- الحوار غير البناء: أنت طالب كسول.

- الحوار البناء: يمكنك أن تكون أكثر نجاحاً في دراستك، وأن تجتهد أكثر، فقد لاحظت أنك أخذت علامة متدنية في الامتحان.

ولاحظ أن الحوار البناء يستخدم جملا إيجابية في البداية، ثم حرف «و» لربط الجمل، ولا يستخدم كلمة «لكن»، فهذه الكلمة تدل على انك ستقول امرا يناقض ما قلته سابقا، مما يُشعر المستمع بأن ما قلته من جمل إيجابية في السابق كانت غير مهمة. على سبيل المثال: أنا أحبك ولكن.. أو نعم أنت ذكي ولكن.. نعم ولكن... فكلمة لكن تدل على أنك ستقوم بنقض ما قلته سابقا في الجزء الأول. لذا، استخدم «و»، لتصل الجمل ببعضها من دون تناقض أو أنك ستغير رأيك. وتُشعر المستمع بأن ما تقوله في البداية لا يقل أهمية عن ما تقوله في النهاية.



4 - الاستخفاف بالمشاعر

عندما يشرح أو يظهر الشخص عواطفه (سلبية أو إيجابية) من الخطأ أن تستخف بها أو لا تبالي لها أو تهملها أو تطلق أحكاما سلبية عليها. مثل قول: ما تشير إليه أمر ليس له معنى، قلقك لا يهمني، شكواك ليس لها أي أساس، من يهتم لغضبك، توقف عن المبالغة في المشاعر، لا تشعر بالسعادة كثيرا فما قمت به أمر صغير جدا.

ومن الوارد أن تُشعر المستمع بالاستياء والامتعاض منك. فالشخص الذي يشعر بأن الآخر لا يفهمه أو يقلل من مشاعره، سيشعر بالجرح والغضب. وعندما يتم تقليل شأن أو إحباط مشاعر الشخص الإيجابية، فإنها ستختفي وتتلاشى. وكلما قلّت مشاعره الإيجابية، قلّت معها فرصة تقويم السلوك أو تقوية العلاقة بينكما. أما عندما تقوم بتقليل أهمية مشاعر الشخص السلبية، فمن الوارد ان تزداد حدة مشاعره وتترسب بداخله. وكلما زادت قوة وتراكم مشاعره، زادت تصرفاته غير المرغوب فيها وعلا سد يعيق العلاقة الصحية.

وغالبا ما يقوم الشخص الذي شعر بأن مشاعره قد استُخفّ بها أو تم إنكارها، بغلق نفسه ومشاعره حتى يتفادى التعرّض لجرح المشاعر في المستقبل. ولا يغفل أن الاستهانة بالمشاعر أو الاستخفاف بها أكثر أمر مدمّر يمكن أن يقوم به الشخص لنخر علاقاته الحميمية، ومن أكثر الأسباب شيوعا لفقد الأصدقاء والأحباء.



5 - الجدال والجدال ثم التجمُّد

كما ذكر في السابق، فإن التواصل بطريقة خاطئة أو ضعيفة سيؤدي الى الجدال والتضارب، مما قد يسبب شرخا في العلاقة. لكن لا يمكن إنكار أن الجدال البنّاء الذي يقوم بالتعامل مع الموضوع لحله وشرح وجهات النظر، أمر مفيد للعلاقة. عادة ما يكون الأشخاص أكثر قابلية للتشاجر مع من يتواصلون بشكل غير خاطئ، وإن استمر الجدال من دون إيضاح لسبب المشكلة والتركيز على حلها، فسيصل الأمر بالمتلقي الى مرحلة تجميد المشاعر وغلقها على نفسه وتفادي التعامل مع الشخص الذي أخطأ في تواصله.

ولو تضمن الحوار لغة السبّ والقذف فسيشكل ذلك حاجزا وسدا منيعا لأي تطور أو صيانة للعلاقة الصحية، سواء في العمل أو المنزل. فأكبر خطأ يرتكبه أي شخص أثناء الحوار هو استخدام كلمات السباب والشتيمة.



القبس


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة