الجمعة 2024-12-13 09:52 ص
 

الدراما السورية .. "سنعود بعد قليل"

04:19 م

الوكيل - في خضم النزف الإنساني والسياسي والاجتماعي في سوريا، يبرز تساؤل كبير عن مستقبل صناعة الدراما في البلد الذي تصدّرت إنتاجاته التلفزيونية الشاشات العربية في السنوات الأخيرة. هل يتجاوز الفن السياسة، أم تثبت الأخيرة أن لها الكلمة الفصل في مختلف القطاعات، سواء أكانت فنية أو ثقافية أو اقتصادية؟اضافة اعلان


ويتبع هذا السؤالَ الجوهري سؤال آخر يتعلق بمدى قدرة الشاشة الصغيرة على رصد واقع مستجد على الصعيد السياسي والاجتماعي، أم أنه لا يزال من المبكر جدا البحث عن نهاية لأزمة 'مفتوحة' تتراكم أحداثها وضحاياها يوما تلو الآخر؟

وقد انقسم الفنانون السوريون في مواقفهم إزاء ما يحدث في بلدهم منذ بداية الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد منذ ما يقارب العامين، وتأثر الإنتاج الدرامي كثيرا بالأحداث الدائرة سواء على المستوى الكمي أو النوعي، وقد كان النظام 'حاضن' هذه الدراما فلا تخرج عن طوعه إلا بمقدار يدخل في باب التنفيس المحسوب، كما يراه بعض النقاد.

الدراما والسياسة
العديد من الفنانين السوريين تركوا أرضهم وتمركزوا في لبنان لكونه البقعة الجغرافية الأقرب إلى وطنهم. وإذا كان البعض قد أصيب بالإحباط واعتكف 'مؤقتاً' عن مهنته، يبدو البعض الآخر مثابرا ومصرّا على استمرارية الإنتاج في هذا القطاع، بينما يعتقد فريق ثالث بأن الدراما أمام تحوّل باتجاه الأعمال العربية المشتركة بين سوريين ولبنانيين ومصريين وجنسيات أخرى.
وفي حديث للجزيرة نت ينفي الكاتب الدرامي نجيب نصير أن تكون الدراما السورية تتمتع باستقلالية ثقافية فعليّا، ويعتبر أن مخططا عربيا سعى لإقحام أيدولوجيا تراثية معينة عبر المسلسلات السورية، خصوصا من خلال 'الطفرة' في الأعمال التاريخية التي برزت في الفترة الأخيرة.

أما بالنسبة للواقع الراهن، فيقول إن هناك نحو أربعة مسلسلات تصوّر حاليا داخل دمشق، ولكنه يعتبر أن 'الجغرافيا' تضيق تدريجيا، وأن الصعوبات في التصوير تفرض نفسها على الساحة وتعرقل سير العمل.

وإذ يشير إلى أن الدراما المعاصرة تأخذ الظرف الاجتماعي والبيئي في الحسبان، يقول كاتب 'السراب' و'زمن العار' و'نساء صغيرات' إن ما قد يحدث فرقا في الدراما السورية هو عملية 'تزاوج' محتملة مع لبنان، 'وإذا استطعنا دمج القوة العملية للدراما السورية مع الشق الإعلاني في لبنان والذي يعتبر نقطة قوة لهذا البلد، قد نتمكن من إحداث تغيير بالمعنى الثقافي للمضمون الذي تعكسه الدراما'.

من جهة أخرى يعترف الممثل والمخرج والمؤلف السوري رافي وهبي أن الأحداث الأخيرة كان لها تأثير على كم الإنتاج الدرامي، ويصف محاولات العام المنصرم لتسليط الضوء على ما يجري داخل سوريا بأنها 'خجولة'، ويعزو ذلك إلى تباين وجهات النظر إزاء ما يجري وإلى عدم انتهاء الأزمة حتى الآن.

ويروي وهبي أنه بعد مجيئه إلى لبنان كان أمام خيار صعب 'فأي مقاربة لما يجري داخل سوريا ليست سهلة'، ولكن انطلاقا من إيمانه بأن سر نجاح الدراما السورية يكمن في واقعيتها، اختار أن يتناول شقا من انعكاسات الأزمة السورية بعيدا عن السياسة.

وحاليا يصور وهبي عملا بعنوان 'سنعود بعد قليل' يتناول فيه حال السوريين الذين تركوا وطنهم بعد الأحداث على أساس العودة بعد فترة قصيرة، لكن كما يقول 'امتدت هذه الإقامة المؤقتة خارج الوطن يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر، ولم يعودوا حتى الآن'.

إنتاج مشترك
أما عن تأثير الانقسام السياسي بين الفنانين على التعاون فيما بينهم، يقول وهبي الذي يضم عمله الجديد كلا من دريد لحام وباسل خياط وقصي خولي وعابد فهد وسلافة معمار وكندة علوش، إنه كان هناك اتفاق مسبق بين فريق العمل بوضع الموقف السياسي جانبا لتقديم نموذج على أن السوريين على اختلاف مواقفهم قادرون على التعاون فيما بينهم.

وقرر المخرج السوري زهير قنّوع 'أن يتماشى مع ما يريده الناس'، وأن يتجه إلى الإنتاج العربي المشترك لاستغلال عناصر القوة في مختلف البلدان العربية، ويقول 'إن تمكّنا من جمع خبرة السوري مع الإيقاع المصري الفكاهي والطابع اللبناني المعاصر، سننتج أعمالاً بالغة الأهمية'.

وأسس قنوع مؤخراً شركة إنتاج متخصصة بالمسلسلات العربية المشتركة والشاملة، وهو بصدد التحضير لمسلسل عن عوالم المال والاحتيال في كل بقاع البلاد العربية.

هذا التفاؤل الموجود عند الكثير من العاملين في القطاع قابله الموسيقي منذر كبّة بتشاؤم، 'إذ يصعب الاستمرار في غياب البيئة المناسبة'، ويقول 'أتمنى ألا يدوم الحال على ما هو عليه، ولكن لنعترف أن الفضائيات اضطرت إلى استبدال مساحة البث المخصصة للدراما السورية بأعمال أخرى نظراً للإنتاج الضئيل في العامين الماضيين'.

ويضيف كبة الذي شارك في تأليف الموسيقى التصويرية لمسلسلات 'عشنا وشفنا' و'ندى الأيام' وأعمال أخرى، 'أرى أن هذه الصناعة قد تختفي والعودة لن تكون سهلة.. قد نستطيع أن نستعيد المساحة وقد لا نستطيع'.

بين متفائل ومتشائم، وبين أسماء جديدة ستظهر عاجلاً أم آجلاً في هذا القطاع، يبقى السؤال: هل يتسرّب الموت الذي أحكم قبضته على عنق الوطن إلى فنّ كان أكثر من فعّال، أم أن المرحلة الصعبة التي تمرّ بها هذه الصناعة عابرة، وستتمكن من التغلب على 'الأزمة' و'العودة بعد قليل' وربما 'بحلة جديدة'؟

المصدر:الجزيرة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة