ندلف نحو تدشين المؤية الثانية من عمر الدولة الأردنية الحديثة، التي استطاعت تجاوز كثير من الظروف الصعبة والحرجة، واستطاعت النجاة من المنعطفات التاريخية الاستثنائية الخطرة، وما زالت تحتفظ بمؤسساتها القادرة على الصمود، والقادرة على الانطلاق نحو المستقبل، وربما يكون العنصر الجوهري في الثروة الأردنية هو الانسان الأردني، الانسان الكفؤ المتعلم الذي أثبت جدارة متميزة في الصبر والتحمل والتعلم رغم شح الموارد وقلة الامكانيات، وكان له بصمة واضحة على الصعيد الداخلي، وعلى الصعيد الإقليمي.
الاستعداد لتدشين المرحلة الجديدة، يحتاج إلى معرفة اكيدة وادراك عميق أننا نغادر دولة المنح والمساعدات الخارجية نحو دولة الاعتماد على الذات وبناء القدرات وحفظ المقدرات في الأرض والانسان على نحو مختلف، وطريقة مختلفة في الرؤية والرسالة، وفي الشكل والمضمون، وفي الهدف والوسيلة، وهذا يعني امتلاك أقصى درجات الاستعداد للانقلاب على النفس والاستعداد لخوض تجربة جديدة مختلفة تماماً، تحتاج إلى نوعيات مختلفة من الرجال والكفاءات والتخصصات، وفي طريقة الاختيار والفرز لأصحاب المسؤولية.
كنا فيما سبق ضحية صراع طويل الأمد بين وجهتي نظر تاريخيتين ومعروفتين على صعيدنا المحلي ؛ وجهة نظر كانت تتبنى مقولة أننا غير قادرين على بناء الدولة بأنفسنا دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، ومد يد العون من الأصدقاء العرب والقوى الدولية الكبرى، وهذا النمط من الإدارة ربما يكون الأكثر سهولة ولكنه مضطر لدفع ضريبة باهظة على الصعيد السياسي والدور الإقليمي، وهناك وجهة نظر أخرى كانت تتبنى أننا قادرون على الاعتماد على قدراتنا الذاتية والاستثمار بمواردنا المحلية وفق منهج صارم يقوم على تأهيل الانسان الأردني، وإعداد الأجيال للتكون قادرة على تحويل الأردن إلى نموذج ناجح، ولكن وجهة النظر الأولى على ما يبدو كانت هي الأكثر رجحاناً لعوامل كثيرة، وها نحن نسلخ 100 عام دون الوصول إلى تلك اللحظة التي يتم التخلص فيها من ربقة الاعتماد على المساعدات الخارجية .
نحن الآن مضطرون للشروع في تطبيق وجهة النظر الثانية التي تقتضي منا جميعاً الاستعداد لمرحلة الاعتماد على الذات والتي تكتنفها الصعوبة والمشقة البالغة، ولكنها مسار اجباري لامناص من سلوكه، وهي لحظة استثنائية هائلة تحتاج إلى رجال استثنائيين وشعب استثنائي أيضاً وهنا لابد أن ندرك أن الاعتماد على الذات يحتاج اولا إلى منهج المشاركة السياسية الحقيقية التي تمكن الشعب الأردني من اختيار الحكومات ومحاسبتها وتقويمها واستبدالها عند عجزها وعدم قدرتها على تحقيق برامجها.
مرحلة الاعتماد على الذات هي مرحلة بناء، والبناء ينبغي أن يكون قوياً صلباً خالياً من الغش وخالياً من الفساد، وهذا يحتاج إلى أعادة انتاج نخب جديدة مفعمة بروح الانتماء الوطني العميق، وتخرج من رحم تيار الحراثين الأردنين الذين يختزنون حب الأرض وحب الأردن وحب الشعب الذي يجعلهم يقدرون قيمة الشهادة وقيمة التضحية في الدفاع عن الدولة والشعب والمؤسسات بعيداً عن منهج الارتزاق وبعيداً عن الاستثمار في دماء الأردنيين البسطاء من أجل جمع الثروة الحرام ونهب المال العام والتفريط بحقوق الأجيال.
نحن أمام لحظة تاريخية فارقة إما أن نكون أو لا نكون على الخارطة، وهذا ينبغي منا أن لا نكرر أخطاء الماضي، ولا نستنسخ التجارب الفاشلة وأن لا نعيد تدوير المرحلة السابقة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو