الخميس 2024-12-12 12:33 ص
 

الدولة والإخوان .. خطان متوازيان

08:01 م

د. حسام العتوم

اضافة اعلان

بعد مسيرتي اربد وعمان الأخيرتين (للإخوان) ومن وسط بانوراما الربيع العربي ومنه الاردني تأكد لي وعن قناعة تامة بأن الدولة والاخوان تحديداً خطان متوازيان لا يلتقيان في ايدولوجية السياسة وهي عقيدة رغم أن النسيج الوطني السياسي واحد غير قابل للقسمة على اثنين أو هكذا يجب ان يكون, ولا زلنا اردنياً نخلط بين الموالاة والمعارضة في اطار الدستور وتحت سقفة, فداخل الموالاة بداخل خطها الرسمي الإصلاحي نشتم رائحة للمعارضة والحراك بسبب بدء العمل على مكافحة الفساد, وداخل المعارضة نستمع لأصوات موالية تطالب برفع سقف تطويق الفساد وتحقيق العدالة الإجتماعية والاقتصادية والتقدم بخطواتٍ جادة إلى الامام في الإصلاح بعضها معقول وآني, واخرى تحمل صفة الإستعجال مثل تعديل مواد سيادية ملكية في الدستور (34,35,36) لها علاقة مباشرة بموضوع حل البرلمان وتشكيل مجلسي الوزراء والأعيان, وغيرها ذات علاقة بالغاء معاهدة وادي عربة الموقعة اردنياً رسمياً وبموافقة البرلمان وتحت اشرافٍ دولي آن ذاك عام 1994, وجميعها خطوط حمر للدولة الاردنية تتعامل معها بحكمة وروية مع تقدم الزمن ليوم الوصول لملكية دستورية هي محتاجة أصلاً لبنية تحتية مختلفة, ولتنمية ساسية متطورة عن طريق إظهار وتنظيم الحزبية القوية المكونة من حزبين كبيرين أو ثلاثة لدينا إثنان منهما وهما (الإخوان) و (الوسط الاسلامي) بينما الثالث الممثل حالياً بالتيار الوطني الدستوري ضعيف ومتراجع مع خاص احترامي لكل الوان الطيف السياسي في بلدنا, وعن طريق التقدم تجاه المدنية, ولا اريد ان اسلط الضوء اكثر هنا على قضية (الدقامسة) الجدلية بين الرسمي والمعارضة الوطنية والنواب لأنها اشبعت خطابات ولم ترى النور على مستوى الإجراءات, ولا بد للإفراج عن هذه القضية نهاية المطاف وحالياً لأسبابٍ إنسانية صرفة فقط.

أخشى اكثر أن نصاب في بلدنا بعمى الألوان ونحن نحدق النظر بكل ما هو رسمي ومعارض فتتطفل علينا ألواناً خارجية هي الان تتحرك بيننا وأمام أعيننا وسبق لها أن تحركت بالأمس مثل الإيرانية على وجه الخصوص ومثلي هنا دعوة السفير الإيراني بعمان مصطفى زاده لعدد من وجهاء عشائر الجنوب لزيارة طهران ربما من أجل إذكاء نيران حراك الشارع الأردني كي تلتحم مع النيران السورية والعراقية والله اعلم خاصةً بعد فشل العرض الإيراني الإقتصادي على الأردن بواسطة تقديم النفط المجاني له لثلاثين عاماً إلى الأمام, وهنا لا أريد أن أتحدث عن إجندات أنجلو- أمريكية عيونها هي الأخرى تتحرك بنفس الإتجاه لتحديد أهداف بعيدة المدى, فمن يقرع جرس الإنذار في وطننا الاردني الغالي علينا جميعاً ليعلن أن امن الأردن فوق كل اعتبار ليس بواسطة محاربة الفساد الكبير فقط وبشكل عملي مقنع, وإنما بتحويل مسيراتنا الصاخبة الاستفزازية وفق هتافاتها الملحوظة إلى جلسات حوارية وطنية مائة بالمائة هادفة تدفع نحو نتائج وتوصيات يمكن ترجمتها إلى أفعال بدلاً من احداث ضجيج مستمر من أجل الضجيج, ومسألة التلويح والتلميح بتحويل المارش الشبابي الإخواني إلى جناح عسكري هو أمر خطير وفيه تطاول على الدستور وعلى اركان الدوله, علماً بأن حزب الجبهة اليوم ومع احترامنا لمساعية الوطنية العلنية كان بالأمس مجرد جمعية خيرية عام 1992.

في التاريخ الأردني كانت الشيوعية هي السائدة على مسرح السياسة, وهي قائدة الشارع آنذاك, ورغم الإفراج عنها بعد هبّة نيسان عام 1989 ودخولها البرلمان إندمجت مع الدولة الاردنية وتلاقت معها عند نبع الهدف الوطني الواحد, وفي المقابل كان للإخوان تواجد قوي وسط النيسج السياسي الاردني, وحققوا نجاحات اكثر منذ تواجدهم عام 1945, فتشاركوا مع الوطنيين الإردنيين في التركيز على ابعاد الضباط الإنكليز عن قيادة الجيش قبل التعريب عام 1956 الذي صدر بعد قرارٍ شجاع اتخذه عظيم الاردن الراحل الحسين طيب الله ثراه, ودخلوا البرلمان في الاعوام 1984- 1989 - 1993 - 2003 بالصوت الواحد الانتخابي وبدونه, ودخلوا الحكومة عام 1991 بخمس مقاعد وزارية, إلى جانب دخولهم الى البلديات, ولماذا هو الشرخ السياسي الآن بينهم وبين الدولة كنظام سياسي ضاربة جذوره في التاريخ المعاصر العريق المرتبط باعظم ثورةٍ عربية مجيدة عرفها التاريخ منذ عام 1916, بينما المطلوب قانون إنتخابي عصري متوازن برلماني وحزبي وبلديات ومحاربة حقيقية للفساد وعدالة وتصويب للسياسة الخارجية لكي تتوازن اكثر ايضاً, ومسألة إرتداء الشماغ الأحمر الأردني بالطبع في مسيرات الاخوان لا تعفي من وجهة نظري ارتباط تيارٌ منهم مع الخارج, والله من وراء القصد وهو المستعان.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة