لا أحد يستطيع تقدير مدى الإدراك الرسمي لخطورة مؤشر الدين العام الذي يتابع قفزاته منذ سنوات، حتى وصل حدودا تنذر بكارثة على الاقتصاد الوطني.
حجم الدين تصاعد حتى بلغ نحو 20 مليار دينار، بنسبة تتجاوز الحدود الآمنة، والسبب الرئيس للمشكلة فاتورة دعم الكهرباء التي تقدرها الحكومة بحوالي مليار دينار سنويا، والتوسع غير المدروس في الإنفاق العام الجاري، ومثال ذلك إعادة الهيكلة التي تكلف الخزينة نحو 300 مليون سنويا.
اليوم لم تعد قصة الدَّين مرتبطة بوزارة المالية وحدها، بل هي قضية الدولة بكامل مؤسساتها، إن كانت تعي أهمية الاستقرار والأمن الاقتصادي، وذلك يتطلب وضع خطة لا تنازل عن تنفيذها لوقف تنامي هذا المؤشر.
التعامل مع ملف الدين يتم حتى اللحظة وكأنه من مهمات وزارة المالية، وفي ذلك قفز على الحل، فلوم وزارة المالية وحدها على زيادة حجم المديونية يمكن الاستمرار به إلى ما لا نهاية، بيد أن ذلك لن يحل الإشكالية ولن يوقف تغول هذا 'الوحش'.
لوزارة المالية مساحة محددة للعمل لا يمكنها بعدها إحداث الفرق، وهذا الدور يقتصر على الالتزام بالإنفاق المدرج بالموازنة وهو ما يحدث بالفعل؛ إذ يتناقل وزراء قصصا كثيرة عن تمسك وزير المالية أمية طوقان، بقدسية الموازنة ورفضه تمويل كثير من المشاريع التي ليس لها مخصص.
الفهم العام لأزمة المديونية يجب أن ينبع من أكثر من اتجاه، بحيث نتوقف عن أية ممارسات تزيد من سوء الحالة، مثل تلك المشاريع الخدمية التي يسعى نواب لتنفيذها ويحول دون ذلك موقف طوقان، ويشتبك معه في ذلك وزير التخطيط والتعاون الدولي إبراهيم سيف.
عند حدود فرض احترام قانون الموازنة وعدم الخضوع للضغوطات الشعبية والنيابية، يتوقف تأثير طوقان وسيف، في وقت يؤخذ على وزارة المالية وضع موازنة توسعية، والمبالغة في الحصول على القروض خوفا من التعثر في سداد الدين والالتزام بأقساطه وعبئه.
السؤال؛ هل ما يطبق اليوم من خطوات كافٍ لحماية الاستقرار المالي والنقدي؟
أغلب الظن أن الإجابة لا.
فالمسألة تحتاج إلى خطة ثلاثية الأبعاد ترتبط بزيادة الإيرادات من ناحية، وتقليل حجم الاقتراض من الضفة الأخرى، أما القصة الأخرى المسكوت عنها والتي تحتاج إلى قرار وطني يشترك الجميع في تنفيذه، فترتبط بضبط النفقات الجارية، خصوصا في بنود المكافآت الإضافية التي يحصل عليها موظفو القطاع العام إضافة إلى رواتبهم.
هذه الخطوة قد تكون خطوة مبدئية لتقليص الإنفاق على الرواتب والأجور؛ إذ يمضي صرف المكافآت والإضافي دون معايير ودون أن يشعر كل مسؤول بانعكاسات ذلك على الموازنة العامة.
ويبقى الحصول على المنح والمساعدات للخزينة حلا آخر لمشكلة الدين، لكن تفعيل هذا البند يلزم أن تسبقه إجراءات داخلية، تكشف حجم المشكلة وتضع حلولا لها.
في دول أوروبية عمدت الحكومات إلى خفض الرواتب إلى النصف لتجنب أزمة أو علاجها، في الأردن يبدو هذا الحل خطيرا ومستحيلا، ما يعني بالضرورة اللجوء إلى ما هو أقل ضررا على المستوى الاجتماعي؛ إذ ما معنى أن تصل مكافآت موظف عام خلال ستة أشهر إلى مبلغ يفوق 12 ألف دينار.
الدين لم يعد ملف وزارة المالية، بل هو ملف وطني بحاجة من الجميع إدراك مخاطره، واتخاذ اللازم قبل أن تقع الفأس في الرأس ولا نجد معينا، بحيث لا يبقى الكلام محصورا بتقليص الفجوة التمويلية والقدرة على خدمة الدين.
المنطق وحدود الخطر يقتضيان جعل الدين ضمن الأولويات الوطنية وإطلاق صفارة الخطر اليوم قبل غد ضرورة، لتجنيب الاقتصاد سقطة كبيرة تكلف البلد الكثير.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو