الجمعة 2024-12-13 12:18 م
 

الرئيس التنفيذي لنيسان الأردن يتحدث لصحيفة المصري اليوم عن تكنولوجيا السيارات الكهربائية و أهميتها في الفترة المقبلة في الشرق الأوسط.

05:53 م

الوكيل الإخباري - مصنعو السيارات في العالم أدركوا أن الاعتماد على البترول كمصدر للطاقة المحركة للسيارات لن يدوم طويلًا نظرًا لأن مخزون بترول العالم سيُستنفذ يومًا ما ويقترب هذا اليوم بازدياد معدلات الاستهلاك العالمية، والذي بدأ في أوائل القرن العشرين وتضاعف في العقود القليلة السابقة، ووصل إلى أعلى قمته في عام 2013.

وبدأ كبار مصنعي السيارات في العالم في السبعينات تحديدًا بالتفكير في ابتكار تكنولوجيا جديدة لإنتاج سيارات تعتمد على طاقة متجددة (Renewable Energy) لا تنفذ، وبالتالي لا تشكل تهديدًا على مستقبل هذه الصناعة العالمية الكبيرة، والتي تقارب الاستثمارات بها ميزانية مجموعة كبيرة من الدول مجتمعة، ولذلك التقيت بصديقي د. وسام عيسى الذي شغل مناصب هامة في شركة نيسان للسيارات ما بين دبي والأردن حيث كان في مهمة عمل في طوكيو لدفع سوق السيارات الكهربائية في الأردن التي يتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة نيسان بها حاليًا واستقطعت من وقته الثمين دقائق لنتحدث فيها عن مستقبل صناعة السيارات في العالم وحلمنا بأن تنتبه مصر للفرص في أوانها.

حدثني د. وسام عن الازدياد المضطرد في إنتاج السيارات، والذي تعدى 85 مليون سيارة في عام 2014، مقارنة بحوالي 56 مليون سيارة فقط في عام 2000، فإن الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود البترولي قد زادت بنسبة كبيرة مما له كبير الأثر سلبًا على البيئة والمناخ وصحة الإنسان، وبالتالي الاقتصاد بصفة عامة حيث تزداد المخصصات المالية في ميزانيات الدول في محاولة لمعالجة هذه التأثيرات السلبية، مما زاد من الضغط على مُصنعي السيارات للإسراع في وجود حلول بديلة.

وعليه فإن استبدال السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي بسيارات كهربائية ذات انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة صفر في المائة أصبح ضرورة وهدف استراتيجي دولي. ويكتمل هذا الهدف عندما تعتمد السيارات الكهربائية على طاقه نظيفة مولدة من الشمس أو الرياح أو الماء (كالسد العالي) أو غيرها من المصادر النظيفة لتوليد الطاقة فتصبح المنظومة بالكامل عديمة الانبعاثات (Zero Emission Cycle).

وأوضح عيسى أن تحديد الشكل المستقبلي لصناعة السيارات قد بدا واضحًا فأغلب مصنعي السيارات في العالم قد استقروا على تكنولوجيا السيارات الكهربائية نظرًا لسهولة شحنها من أي منفذ كهربي كأي جهاز إلكتروني أو موبايل، واكتملت الصورة المستقبلية لهذه الصناعة بعد التطور الهائل في صناعة البطاريات من مادة الليثيوم (Lithium-ion polymer battery).

وحتي تنتقل صناعة السيارات من عالم المحركات المعتمدة على الوقود (Internal Combustion Engine) إلى عالم البطاريات الكهربائية عديمة الانبعاث كان من الضروري المرور بمرحلة انتقالية وهي السيارات الهجينة والتي تحتوي على محرك احتراق داخلي عادي بالإضافة إلى بطارية تشحن غالبًا عن طريق تحويل طاقة الحركة الناتجة من محرك الاحتراق العادي إلى طاقة كهربية تخزن بالبطارية وتستخدم كبديل لبعض الوقت عن محرك الاحتراق.

ومن اللافت والمثير للتأمل أن السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي كانت تمثل 100% من سوق السيارات العالمية قبل عام 1997 حتى أنتجت تويوتا أول سيارة هجينة (Toyota Prius Hybrid) في هذا العام وتبعها أغلب المصنعين مع بداية عام 2000 حتى صارت أكثر من 10 مليون سيارة هجينة تسير في شوارع العالم في عام 2015 آخذة بذلك حصة سوقية كبيرة على حساب السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي، وقد توقع مصنعو السيارات في العالم انكماش الحصة السوقية للسيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي أكثر وأكثر إلى أن تصل لـ 10% فقط من سوق السيارات في عام 2050، وتكون الزيادة لصالح السيارات الكهربائية (Zero Emission) وعلى حساب كل السيارات الأخرى بما فيها الهجينة.

ولكن يبدو أن هذا قد يحدث قبل 2050، فلو استمرت معدلات الزيادة في مبيعات السيارات الكهربائية على نفس النحو فقد نتعدى حاجز الـ 2 مليون سيارة قبل عام 2020 و10 مليون سيارة في عام 2025. فلماذا لا تبدأ مصر من الآن لتواكب تلك التطورات المتسارعة والتي قد تزلزل صناعة السيارات في العالم قريبًا؟

المبادرة بدأت بشركة نيسان بإنتاج السيارة (LEAF) الكهربائية في 2010 كأول شركة عالمية تطرح هذه التكنولوجيا للمستهلك، وتعدت مبيعات هذه السيارة حاجز الـ 180 ألف سيارة في 4 سنوات فقط ممثله نسبه 43% من سوق السيارات الكهربائية في العالم، وتبعتها شركات أخرى مثل تيسلا وميتسوبيشي ثم مرسيدس وBMW وفولكس فاجن وغيرها.

والآن يوجد أكثر من 46 دولة في العالم دخلوا بالفعل نادي السيارات الكهربائية وقدمت حكوماتهم حوافز مختلفة، فمثلًا في النرويج تبلغ الحصة السوقية للسيارات الكهربائية 12% وهي تمثل أعلى نسبة سوقية في العالم، وسبب ذلك يكمن في الخدمات المقدمة للمواطنين فيها من قبل الحكومة من حيث إلغاء الجمارك والرسوم ومواقف السيارات المجانية، توفير حارة سريعة خاصة للسير بالطرقات، الشواحن المتواجدة بشكل دائم في الشوارع العامة وغيرها.

أما في الشرق الأوسط فكانت الأردن أول من فتح الباب حيث بدأت منذ العام 2010 برنامجها للتخفيف من عبء فاتورة المشتقات النفطية كدولة مستوردة للنفط وتنويع مصادر الطاقة والحفاظ على البيئة، في سبيلهم لتخفيف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 14% بحلول عام 2030. وبهدف تشجيع المواطنين على اقتناء المركبات الكهربائية، وفرت لهم حزمة حوافز وإعفاءات متعلقة بهذه المركبات الكهربائية، تضمنت إعفاءها بالكامل من الجمارك ورسوم التسجيل لأول مرة، وإعفاء البطاريات وأجهزة الشحن وقطع الغيار من الضريبة العامة على المبيعات، فمتى ندرك حاجاتنا لتشريعات محفزة مماثلة؟

كما أن ذلك التوجه الاستراتيجي نحو تحفيز اقتناء السيارات الكهربائية له عظيم الأثر في توفير فاتورة المشتقات النفطية والصيانة الدورية للمركبات خصوصًا وأن معدل تكلفة الصيانة الدورية للمركبات التي تعمل على الوقود تتراوح ما بين 280-600 دولار سنويًا، فيما يبلغ معدل كلفة الصيانة الدورية للمركبات الكهربائية حوالي 100 دولار أمريكي سنويًا.

أخبرني د. وسام، وهو ينهي فنجان قهوته، أن استخدام السيارات الكهربائية يعود بالفائدة الكبيرة على المواطن والدولة على حد سواء، ليس فقط لما لها من الكثير من الفوائد البيئية والاقتصادية والصحية للإنسان، ولكن أيضًا لأثرها الاقتصادي المباشر على مالكها ومستخدمها، ففي دراسة قام بها فريق العمل أثبت أنه حسب متوسط أسعار الكهرباء والبنزين في الأردن في آخر 6 أشهر، فإن معدل مصروف السيارة الكهربائيّة نيسان LEAF على سبيل المثال يبلغ فقط 310 دولار أمريكي في السنة، في حين يبلغ معدل تكلفة السيارة التي تعمل بالوقود وبمحرك حجم (2000 سي سي) 3,300 دولار في السنة، أي أقل من عشر التكلفة، هذا بالإضافة إلى توفير الجزء الأكبر من مصاريف الصيانة الدورية حيث لا تحتاج السيارة الكهربائية إلى تغيير زيت وفلاتر وشمعات احتراق وغيرها مما تحتاجه السيارات التقليدية والتي تعمل على محركات الاحتراق الداخلي.

أما على مستوي الدولة فإن تطبيق المنظومة الكاملة للسيارات الكهربائية (Zero Emission Cycle) له كبير الأثر على خفض نسبة الغازات والانبعاثات السامة هو أحد أهم الأسباب لزيادة الدعم الدولي والاقتصادي للحكومات بناءً على اتفاقية KYOTO الدولية، والتي تعمل على تشجيع الدول لخفض الغازات السامة.

أما عن طرق شحن السيارات الكهربائية فقد بين د. وسام أن الشحنة الواحدة تكفي لقطع مسافة من 120 إلى 240 كم للسيارة العادية في متناول الجميع وحسب نوع السيارة وتصل لـ 400 كم للسيارة الفارهة والتي يصل سعرها لـ 100 ألف دولار، والواقع أن 140 كم هي مسافة تكفي أغلب المستخدمين. وقد تكون عملية الشحن أسهل وأقل عناءً من تعبئة الوقود في بعض الدول، ففي النرويج يعتمد أكثر من 85% من المستخدمين وهم غالبًا من الموظفين على الشحن العادي (من 4 - 9 ساعات حسب نوع السيارة) ويتم بتوصيل السيارة بأي منفذ كهربي أثناء أوقات العمل أو تركها بالشحن ليلًا وأثناء النوم مثلها مثل التليفون المحمول، أما في أمستردام فيوجد شركات للتاكسي تقطع مسافات أكبر يوميًا فتحتاج للشاحن السريع (من 15-20 دقيقة حسب نوع السيارة) والشواحن السريعة متوفرة في مواقف كثيرة منتشرة في كل المدينة، ويوجد أيضًا شواحن متوسطة السرعة بمتاجر التسوق والمطاعم والمواقف في دول أوروبا وأمريكا واليابان. وقد وفرت الحكومة في اليابان للمواطنين 5400 شاحن في الشوارع العامة حتى نهاية عام 2015 بينما وفرت فرنسا 300 شاحن فقط في الشوارع العامة حتى نهاية سنة 2015.

من المقدر أن يصل إجمالي عدد الشواحن السريعة عالميًا إلى 9000 شاحن بحلول نهاية مارس 2016، حيث تتصدر اليابان أعلى نسبة تصل إلى 6000 تليها بالمرتبة الثانية أوروبا تصل إلى 2000 والمملكة المتحدة ضعيفة جدًا تصل إلى 1000 شاحن، ولذلك أنا هنا اليوم في اليابان حتى نستكمل خططنا لتمهيد الطريق للسيارات الكهربائية في الأردن.

أنهى د. وسام حديثه المستفيض وهو يودعني على لقاء وبعد أن غادرني دعوت الله متمنيًا أن تتخذ الحكومة المصرية الإجراءات والتشريعات اللازمة لتمهيد البيئة وتحفيزها في مصر لاستقبال السيارات الكهربائية لما له من عظيم الأثر على مستقبلنا، وأتمنى أن نستفيد من عقولنا المصرية لأجل أن تمتليء شوارع مصر بالسيارات الكهربائية وإلا تتأخر مصر عن المستقبل وأن تنتبه للفرص والإشارات التي إن تصدينا لتحدياتها لتمكنا من فعل المستحيل.

اضافة اعلان

 

المصدر : مصر العربية 


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة