السبت 2024-12-14 03:32 م
 

الرقص على الجثث!

07:01 ص

أخطر ما في ا?حداث المرعبة المتتال?ة في مصر، ھي ا?نتكاسة الثقاف?ة والفكر?ة التي أصابت مختلف ا?طراف، وباتت تنعكس على الشارع والح?اةاضافة اعلان

ال?وم?ة، وا?ع?م والفن، والجامع والجامعة.. على نحو لم تشھد لھ المجتمعات العرب?ة مث??ً في ذروة الحكم ا?ستبدادي المطلق!
وفي الوقت الذي من المفترض أن ?واجھ ا?ع?م ھذه ا?نتكاسة الثقاف?ة، أصبح ھو الجاني والضح?ة في الوقت نفسھ! فقبل أسبوع (تقر?باً)، كتب الصحفي
المعروف، فھمي ھو?دي، مقا?ً في صح?فة الشروق المصر?ة، عن ا?رھاب الفكري والروح 'المكارث?ة' اللذ?ن ?جتاحان ا?وساط ا?ع?م?ة والس?اس?ة في
مصر، وكشف ما تتعرّض لھ الصح?فة من ضغوط شد?دة وابتزاز من قبل العسكر، من تھد?د بحجب ا?ع?نات، أو التلو?ح با?نقضاض على مصالح
أصحاب الصح?فة، فقط ?نّھا تنشر أراءً مغا?رة للروا?ة الرسم?ة المھ?منة على وسائل ا?ع?م ا?خرى مجتمعة. وبالفعل، لم تمض سوى أ?ام قل?لة حتى بدت
آثار تلك الضغوط على الخط التحر?ري في الصح?فة؛ فاستقال الصحفي المعروف وائل قند?ل، وتقلصت زاو?ة المقا?ت وا?راء وجفّت بصورة ملحوظة،
وھو ما لم ?حدث للصح?فة في ذروة ضغوط نظام مبارك عل?ھا عش?ة الثورة المصر?ة.
ولم تشفع لعمرو حمزاوي، و? حتى لباسم ?وسف الذي خصص برنامجھ الشھ?ر ?ھانة الرئ?س المخلوع محمد مرسي، خصومتھما المعلنة مع ا?خوان
المسلم?ن؛ عندما حذّرا من ھذه الروح ا?قصائ?ة المتطرفة التي تجتاح ا?ع?م المصري، فكانت النت?جة أنّھما نا? حظّاً وافراً من ا?ھانات والشتائم من طرف
السلطة الجد?دة، بعدما تلق?ا قسطاً مماث?ً من جمھور ا?خوان المسلم?ن سابقاً! وتحوّل محمد البرادعي ب?ن ل?لةٍ وضحاھا من ق?ادي في 'ا?نقاذ'، إلى شخص
'جبان' ومنبوذ لدى ھذا الطرف!
الروح الجد?دة انتقلت بقوة لتضرب ا?وساط الثقاف?ة وا?ع?م?ة والس?اس?ة العرب?ة. ?كفي فقط أن نتابع ونرصد مواقع التواصل ا?جتماعي حتى نشاھد نتائج
ھذه الثقافة في سجا?ت المثقف?ن والجماھ?ر، وعدم القبول بأيّ رأي مخالف ومغا?ر، بما ?طاول الع?قات ا?نسان?ة ذاتھا، حتى إنّ أحدھم كتب على صفحتھ
على 'ف?سبوك': 'خسرت مع الثورة السور?ة نصف أصدقائي، ومع ا?حداث المصر?ة النصف ا?خر'!
ھذا المنسوب من ا?نقسام وا?ستقطاب الحادّ ?توازى مع انتھاكات مرعبة وجماع?ة بحق المخالف?ن، حتى لو كانوا أبر?اء ومدن??ن. والمروّع أنّ روح التطرف
تھ?من على المناخ العربي عموماً، فتجد من ?بكي على أرواح الشھداء ھنا، و?تحسّر على الجثث، ومن ?رقص عل?ھا من إع?م??ن ومثقف?ن ومحتقن?ن!
ماذا حدث لنا؟! ك?ف ?مكن تبر?ر قتل عشرات ا??ف في سور?ة من المدن??ن، فنشكّك في كل ذلك، فقط بسبب اخت?فات س?اس?ة وأ?د?ولوج?ة؛ أو أن ?صمت
البعض على تفج?ر عدمي بربري وقع في الضاح?ة الجنوب?ة بب?روت، طال أبر?اء ? ع?قة لھم بكل ما ?حدث؛ أو أن تخرج مذ?عة مصر?ة مشھورة لتعلّق
بسخر?ة وتشك?ك (على صفحتھا الخاصة) على خبر استشھاد ابنة الق?ادي ا?خواني، محمد البلتاجي، ذات الـ17 عاماً، فقط ?نّھا تقف في 'رابعة العدو?ة'؟!
إذا كان المثقفون والس?اس?ون من مختلف ا?ط?اف ?رون أنّنا نخوض ال?وم معركة ثقاف?ة مستعرة تتوارى خلف الصراعات الس?اس?ة ب?ن النخب ا??د?ولوج?ة
والمثقف?ن، على ثقافة المجتمعات وروحھا وإدارة ح?اتھا ال?وم?ة وحقوق ا?نسان وا?قل?ات وسؤال الد?ن وع?قتھ بالمجتمع والفضاء?ن العام والخاص؛ فإنّ
عل?نا ا?نتباه أنّنا نخسر جم?عاً ومعاً المعركة الثقاف?ة ا?ھم وا?خطر، والتي تتمثّل في دفاعنا عن الحق في ا?خت?ف، واحترام ق?مة التعدد?ة، وقدس?ة الروح
ا?نسان?ة، ورفض اغت?ال الرأي ا?خر؛ فالمعركة الس?اس?ة تخطف مجتمعاتنا وثقافتھا إلى الھاو?ة!
نت?جة ھذه المعركة أنّ الجم?ع خاسر، في مصر وخارجھا؛ فمن ?لعب ال?وم في القاھرة ستكون المباراة غداً على أرضھ وب?ن جمھوره! دعونا نعود لنتفق مرّة
أخرى على المبادئ ا?ساس?ة التي تشكّل أساس السلم ا?ھلي ومفتاح ص?انتھ؛ الحق في ا?خت?ف وا?عتقاد والتعب?ر عن الرأي، واحترام التعدد?ة الثقاف?ة
والس?اس?ة والد?ن?ة والمجتمع?ة، ورفض مبدأ ا?رھاب الفكري وا?جتثاث الثقافي والفكري.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة