يعيدنا مخيم الزعتري الى ذكريات اوائل سبعينيات القرن الماضي وكيف كانت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مزارا لكل ضيف يزور المملكة من اوروبا وأميركا ومن كافة الدول التي امدت اسرائيل باسلحة ضمنت بسببها نتيجة الحرب ,كانت اسباب الزيارات كما هي اليوم, استعراض الانسانيات خلال حملات الانتخاب ثم التقاط الصور الكئيبة وفي الخلفية اطفال فلسطينيون مرة في حالة اندهاش وصدمة ,ومرة بعيون دامعة بعد معرفة الحقيقة ,وفي كل زيارة يقال في الاخبار ان المخيمات مجرد حالة ايواء مؤقتة وما هي الا بضعة اسابيع بعدها يعود اللاجئون الى ديارهم ,لم تكن تلك وعود عربية بالمناسبة رغم كثرة المرافقين العرب للضيوف الاجانب ,كان الغربيون هم اصحاب الوعود العريضة باعادة اللاجئين الى بيوتهم التي اخرجوا او خرجوا منها .
مخيم الزعتري اليوم يكرر ما فعلته مآساة الشعب الفلسطيني قبل عشرات السنين ,وبعد كل زيارة للمخيم ينتاب المرء شعور بالخوف من ان هذه الاقامة لن تكون مؤقتة هي الاخرى رغم اختلاف الجاني واهدافه ,فما من محتل ولا احتلال وانما هروب من الموت والترويع ولجوء الى الارض الآمنة في صحراء الاردن المغبرة ,وحتى هذه لم تعد قادرة على حماية من يقطعون الحدود تحت وابل الرصاص ,هنا فارق كبير بين الاحتلال الاسرائيلي الذي سهل خروج الفلسطينيين وفتح لهم الجسور ,وبين جيش النظام السوري الذي يقنص العابرين للحدود ويحول بينهم وبين الامان.
الزعتري كما كانت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين قبل أكثر من خمسين سنة ,يعد اليوم احد اكثر الاماكن استقطابا للوفود السياسية والانسانية وحتى الفنية ,فمن حيث التغطية الاعلامية يتفوق المخيم على البتراء ووادي رم وجرش وعلى كافة المواقع السياحية الاستراتيجية في الاردن ويذكر في الصحافة العالمية بشكل لافت وكأنه الحجة الوحيدة للعالم ضد النظام السوري ,وفي مقابل كل هذا الكلام الذي يقال بوفرة ,لا يتحرك المجتمع الدولي ولو قليلا نحو عمل جاد لانهاء وجود المخيم بالطريقة الوحيدة وهي اعادة اللاجئين السوريين الى وطنهم بضمانات دولية ,لا أحد يعمل في هذا الاتجاه ربما لأن القضية السورية ستصبح مثل قضية فلسطين مشروع الامم المتحدة المؤجل الى اشعار اخر ,ولكن هذه المرة بلا قرارات اممية .
منذ الآن يجوز اعتبار الازمة في سوريا قضية ويمكن تسميتها بالقضية السورية ,وكما كانت القضية الفلسطينية لعبة الدول الكبرى تبدو القضية السورية كذلك حتى للوهلة الاولى ,فاذا كانت الولايات المتحدة مارست حقها الكامل بالتصويت ضد اي قرار يعيد الفسطينيين الى ديارهم ,فأن روسيا اليوم تتكفل بهذه المهمة وتقوم بهذا الدور لحساب النظام في سوريا من اجل بقائه والنتيجة واحدة ,فبقاء الزعتري مرتبط ببقاء النظام في سوريا ولا تبدو موسكو متحمسة لانهاء وجود المخيم ومع ذلك لا تمانع في النحيب مع المجتمع الدولي على ويلات الشعب السوري الذي تسميه الصديق ,كانت الولايات المتحدة ترسل لاسرائيل القنابل والطائرات وشتى اشكال الاسلحة الكفيلة ببقاء الاحتلال الاسرائيلي وفي المقابل كانت ال ( يو اس ايد ) توزع المعونات على المخيمات لاطعام وايواء اللاجئين الفلسطينيين ..!
الخشية ان تتكرر اللعبة وان يبقى الزعتري كما بقي أكثر من عشرة مخيمات للاجئين الفلسطينيين وعد سكانها بالعودة الى ديارهم في خريف عام 1967 ,وأكثر ما نخشى في الاردن الآن ان المجتمع الدولي يخطط ويستعد لبناء مخيمات حديثة قابلة للبقاء والصمود بوجه العوامل المناخية الصعبة لخمسين سنة قادمة ,انها كفالة تضمنها الدول الكبرى كصناعاتها المضمونة تماما.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو