السبت 2024-12-14 07:42 م
 

الزميل عبد الهادي راجي المجالي يكتب عن المخابرات الاردنية

01:19 ص

الوكيل- كتب عبد الهادي راجي المجالي  - سأكتب عن المخابرات الأردنية هذا اليوم ...عن الأحتواء والأمن الأجتماعي ...عن الدور والدليل .اضافة اعلان


بعد العام (89) عادت مجموعات هائلة من أئمة اليسار والحركات الثورية والرفض الى عمان ...وكانت ملفاتهم مفعمة بالأدوار والنشاطات التي تخدم كل أجهزة الأمن المعادية ...ومع ذلك أتبعت دائرة المخابرات سياسة الأحتواء معهم وسياسة (عفا الله عما سلف) ....

وتم تأهيلهم في الأوساط السياسة والأعلامية بحيث اصبحوا أئمة للولاء تارة وللوطنية تارة ...واصبحوا فيما بعد قادة لأعلام الدولة ...

في نفس الوقت وبعد توقيع أتفاقية السلام كانت الأجواء مؤهلة للأنقضاض على الحركة الاسلامية في الأردن وتهميشها تماما وتحجيم دورها ..وكانت الحكومات لاتتردد في أعتقال أو ضرب قادتها ...بحكم أن حضور الدولة وشعبيتها كان هو الأكبر والأوسع ...مع ذلك تكفلت دائرة المخابرات العامة باستيعاب تلك الحركة وقيادة حوار عميق معها وتكفل الملك حسين في ذلك الوقت بكبح جماح الحكومات الهائجة ضدهم ...

في التسعينات من القرن الماضي حملت المخابرات الأردنية ملف العائدين أو لنقل (التائبين) ولم يتم أقصاء أي واحد منهم ..ولم يتم تهميشهم بل سمحت لهم بأستنساخ اليسار في الدولة الأردنية مع تغيير المسميات فقط والابقاء على (الأيدولوجيا ) نفسها ...والأهم أن هذا الجهاز استطاع أن يعيد الحوار مع الاسلاميين لأنه كان يدرك أهمية أبقاء عملهم فوق الأرض وليس تحتها ....

كان تلامذة الشهيد (عبدالله عزام) في ذلك الوقت يؤسسون أخطر وأكبر تنظيم أسلامي مسلح ....كانت عيون المخابرات تراقب المشهد ..والأردن كان أكثر الدول تأهيلا لكي يكون المصنع الذي ينتج كوادر القاعده أعتمادا على أنه الوطن الذي يملك أطول حدود مع أسرائيل ...ونجحت المخابرات في ذلك الوقت بالفصل ما بين ماهو (قاعدي) وماهو أسلام معتدل منخرط في العملية السياسية ...

في التسعينات من القرن المنصرم أنجزت المخابرات منجزا مهما وخطيرا وهو ..تذويب اليسار وكل الحركات الثورية في أطار وطني وحماية الحركة الاسلامية الأردنية بخصوصيتها السياسية المعتدلة من تغول القاعدة وأنتقالها للعنف كما حدث في مصر .

والسؤال الذي أود أن أطرحه لماذا الان وبالتحديد حدث تحالف بين أئمة اليسار الذين تم تأهيلهم في الدولة وبين الحركة الأسلامية ضد كل ما هو أمني في الدولة الأردنية ؟....لماذا جاهرت الحركة الاسلامية بالعداء تجاه جهاز المخابرات ولماذا عاد اليساريون ألى يسارهم في الشارع ...بعد أن أصبحوا نوابا ووزراء في الدولة برضى وتزكية المخابرات .

في الغرب وبعد عشرين عاما من الحدث يستطيع جهاز (الأم اي سكس) أن يفتح ملفات معينة ...وحتى (السي اي ايه) تستطيع أن تفتح بعض الملفات ..ولكن لجهاز المخابرات الأردني خصوصية أمنية أجتماعية وهي أن الملفات لاتفتح لديه ...ولأن قادة أو أئمة تلك الحركات وذاك التوجه يدركون هذا الأمر استغلوا حالة الربيع العربي ...وخلقوا عدوا محتملا ..

بعكس مصر مثلا والتي فضح أمنها شيخا سلفيا مارس فعلا فاحشا مع فتاة برغم وجود رئيس أسلامي ...لدينا القصة مختلفة فالأمن الأجتماعي وسمعة الناس شيء مقدس ...

نحن نعرف مثلا اناسا سجنوا في أجهزة أمن عربية على خلفية أختلاس مالي ..وهنا اصبحوا سادة للحرف ..نعرف اساتذة رياضيات كان طموحهم أن يحصلوا على دروس خصوصية واصبحوا فيما بعد قادة ..ونعرف أن سكرتيرا مجرد سكرتير وظيفته طلب الشاي والقهوة أصبح فيما بعد زعيما شرسا...ونعرف أن أموالا كانت تأتي من دول شقيقه بحقائب سوداء كان يغض الطرف عنها ....ونعرف أن أموالا جمعت باسم الزكاة والتبرعات قسمت فيما بعد كغنائم ...نعرف ونظن أن جهاز المخابرات يعرف أكثر منا جميعا ....

مع ذلك لم تفتح تلك الملفات ..ولم تغير المواقف....اما نحن وأخص بالذكر أنا ...فنحن أبناء عسكر لم نتعامل مع جهاز المخابرات في أطار أننا مصادر أو أعين كنا نتعامل معه في أطار اننا نؤدي خدمة علم ...ونؤدي واجبا مثلما فعل أهلنا ....والمهم أننا لانملك ملفات ..هناك لأننا واضحون وضوح الشمس ...لأننا جنودا ومخابرات وأمن ..ولانخجل من هويتنا التي ولدت معنا لحظة صراخنا الأول .

استغرب من الناس استغرب من دعاة كبح جماح التغول الأمني فهؤلاء حماهم جهاز المخابرات وهو من أهلهم وأنتج منهم قادة ...كيف تغيروا في لحظة وصاروا ضد ما يسمونه التغول الأمني ...استغرب أيضا من حركات كانت تطلب يوميا لقاء ضباط الجهاز كي تشكوا لهم بطش الحكومات وكانوا يحظون بالود ...كيف أنقلبوا وصار عطف الدائرة نقمة عليهم ...

لو كانت المخابرات الأردنية تفتح ملفات مضت مثلها مثل أي جهاز في دول الغرب ..لما صرخ هؤلاء ..ولكن لأننا وطن نطوي الماضي ونشطب الصفحات ..يصبح الأمر تغولا أمنيا ...

في الأردن كانت السياسة الأمنية ومازالت قائمة على فتح القلب وليس فتح الملف ....لهذا استغلوا طيبة مؤسسات الدولة وسرقوا الشوارع ...

على كل حال ...مازال هناك فتية امنوا بربهم ووطنهم ...ورتبهم العسكرية ..يحمون هذا البلد ...ومازالوا هم الدور وهم الدليل.

نقلا عن الراي


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة