السارقون ربيع أعمارنا

صحيح أنّ خبر (أكبر سرقة كهرباء في تاريخ الأردن) هو المسيطر منذ أيّام على كل الأخبار المحلية ..وصحيح أنّ الشعب ( لم يُبطّلْ تنكيت) ..وصحيح أن التنكيت سببه حالة القهر التي تمغص بطن الشعب و تلوي (الاثني عشر) و تشلّ أمل البنكرياس فيتعطل عمل الطحال و يضيق التنفس و تتبدل كريات الدم الحمراء بكريات (شرايط) ..صحيح كل هذا و أكثر ..!

ولكن ..
متى سيكتشفون أيضاً أن هناك من سرق أحلامنا الملونة و أحالها إلى أحلام سوداء لا بياض فيها ..؟ متى سيكتشفون أن هناك من تعامل معنا طوال هذا العمر على اعتبارنا (أرضاً يباباً) فأراد استثمارها ..فبنى على جسدنا مصانع و مدد فيها كل أشكال الكهرباء والكبسات والقواطع ..وحفر في كل مساحة فارغة في جسدنا بئراً ارتوازياً ..؟! من الذي تعامل معنا بالصدمات الكهربائية ..ولم يرحمنا حتى وقت النوم ..؟!.

ربيع عمرنا سرقوه عينك عينك ..بكلّ كلاحة ووقاحة ..لم يرفّ لهم جفن و لم يُضربوا على أيديهم وإنهم بعملهم فينا لفرحون..! نحن الذين ابتلانا ربّنا وما قاومنا البلاء بل أكثرنا من التصفيق و الطبطبة ..نحن الذين ظهر الكاذبون المكشوفون أمامنا فصدّقناهم طمعاً في فتات عيالنا و سترةً لوجع الانهيار ..! نحن الذين كلّما أرادوا علاج أمراضهم زاد الوجع و تمدد المرض..! نحن الذين نضيع في مترين من وطننا و نغرق في نصف شبر ماء ..!.

السارقون ليسوا من اكتشفتموهم أخيراً بعد زمن ..السارقون أيضاً من لعبوا و قبضوا و غطّوا ..السارقون من باعونا بمنسف و فنجان قهوة ..السارقون من عرفوا و سكتوا ..السارقون من رسموا حولنا دائرة وطلبوا منّا عدم الخروج منها ليذهبوا وليحضروا سكاكينهم المثلومة ليذبحونا فيها واحداً تلو الآخر ..!!.

السارقون نحن الذين انسرق ربيع عمرنا وبقينا نغنّي للخريف على اعتبار أنه آخر ما تبقّى لنا من زمن ..!!!.