الأربعاء 2024-12-11 11:20 م
 

الشخصية المؤثرة تلامس أوجاع الناس

08:41 ص

الوكيل - كل إنسان منا يتمتع بشخصية خاصة تميزه عن غيره يرسم ملامحها ومزاياها بطريقة تتواءم مع طبيعته، الأمر الذي يجعله محط إعجاب الجميع كونه يضفي على من حوله سحرا عميق الأثر ينطبع في ذاكرة كل شخص يصادفه أو تربطه به علاقة صداقة أو عمل، فصاحب الشخصية المؤثرة والجذابة ينفرد بصفات محددة تمنحه اهتمام المحيطين به ومحبتهم فيشعرون كأنهم يعرفونه من زمن طويل يعجبهم كلامه ويتفقون معه فكريا وعاطفيا.اضافة اعلان


لذلك نحاول دائما البحث عن أحد يمتلك شخصية قادرة على أن تخطف أنظارنا وتؤثر فينا بشكل إيجابي تشدنا تصرفاتها الرصينة والمحسوبة، والتي لا تخرج عن نطق الأدب واللباقة تبهرنا هذه الشخصية بنبرة صوتها الهادئة الواثقة الجامعة بين الحزم واللين وبإتقانها لمهارة الخطاب، تستطيع أن تصل لقلوب أشخاص سئموا الانتظار واعتقدوا أنهم لن يجدوا من يلامس أوجاعهم ويقرأ أفكارهم دون أن ينطقوا بكلمة واحدة لأن الأشخاص الذين يتمتعون بمقومات الشخصية المؤثرة الجذابة بإمكانهم استشعار حاجات الناس وفهم ما يحاولون إخفاءه، وذلك من خلال معرفتهم الجيدة لطبيعة من يتعاملون معه وقربهم منه وحتى يتحقق ذلك لا بد لهم من المحافظة على تواصلهم البصري الذي يمكنهم من الاطلاع على أدق التفصيل وأبسطها.
إن التعامل مع مثل تلك الشخصيات الساحرة والجذابة يشعرنا بالراحة والطمأنينة، ويجعلنا نثق بها لدرجة أننا قد نفتح لها قلبنا علها تنقش على جدرانه حبا وأملا وتفاؤلا فنحن بحاجة ماسة للمسة سحرية تنتزع من أرواحنا الألم والحزن والإحباط، لذلك نميل لتلك الشخصيات المؤثرة لاقتناعنا التام بأن لديها مهارة كبيرة في الوصول إلى أعماق من حولها معتمدة في ذلك على أسلوبها السلس الراقي وسرعة البديهة والثقة العالية بالنفس، كل هذه المزايا والصفات قد تزول وتتبدد إذا لم يساندها جمال الروح الذي يعد أهم ميزة بإمكانها أن تثير إعجاب الناس وتجذب انتباههم، فهي السر الحقيقي الذي يقضي على الغربة التي نفتعلها أحيانا بين بعضنا البعض بقصد أو دون قصد، لذا لا بد لنا من الاهتمام بهذه الميزة المهمة لتتمكن تلك الشخصيات من ملامسة آمال الناس بروح يملؤها العزم والإصرار والتحدي عندها فقط ستنجح في إحداث فرق واضح في حياة محبيها الأمر الذي سيجعلها أقرب إليهم روحيا ونفسيا.
وحتى نتمتع بمثل هذه الشخصية فعلينا أن نعي جيدا أن قدرتنا على التأثير بالآخرين لا تأتي بمحض الصدفة، وإنما نكتسبها تدريجيا من خلال زيادة وعي الفرد بذاته ومشاعره وانفعالاته مع فهم عميق لانطباعات المحيطين به والعمل على تحسين أسلوبه ليستطيع كسر الحواجز النفسية التي نختلقها بيننا وبين الآخرين دون مبرر، ولأننا جميعا نرغب في أن نكون أشخاصا مميزين يتطلعون إلى ارتقاء سلم النجاح بنظرات ثاقبة مفعمة بالتحدي والحماس فضروري جدا أن نزود أنفسنا بكل ما من شأنه أن يمنحنا القوة والثقة والدافعية لنتمكن من التأثير بالواقع المحيط بنا، محاولين ترك بصمات واضحة ومهمة قادرة على تغيير السلبيات وتحويلها إلى إيجابيات، وهنا تكمن مهمة الشخصيات المؤثرة التي تستطيع التحكم بالقدرات الفكرية والعاطفية والانفعالية للمحبين لها، وهذا ما يفسر سبب إحكام سيطرتها عليهم فنراهم مشدودين لحديثها مستمعين له بكل جوارحهم تبدو عليهم ملامح التأثر بأفكارها وآرائها، لدرجة أنهم مستعدون لفعل ما تطلبه منهم تلقائيا ودون تفكير وذلك لإيمانهم التام بقيمها وأخلاقها.
ولكي نحظى بشخصية مؤثرة جذابة يحبها الجميع ويحترمها فلا بد لنا من التحلي ببعض المزايا والصفات المهمة والضرورية، والتي تساعدنا على التقرب من الناس وإزالة كل العوائق التي قد تتسبب في قطع تواصلنا وأول هذه المزايا وأهمها عدم البوح بالمتاعب الخاصة، لأن ذلك قد يدفع عددا كبيرا من المحبين إلى النفور منّا وتجنبنا حتى لا نكون سببا في زيادة أوجاعهم وهمومهم فهم بحاجة إلى من يبث فيهم الأمل والتفاؤل ويخفف من حجم معاناتهم، وإكثارنا من الشكوى والتذمر حتما سيفقدنا القدرة على التأثير في نفسيتهم المحبطة اليائسة التي تنتظر من يخرجها من أحزانها، لذلك فلنحاول التقليل من الحديث عن خصوصياتنا وتحديدا الجانب المؤلم منها حتى لا يسأموا منّا ويقرروا الابتعاد عنّا.
ومن المزايا الأخرى التي ينبغي الانتباه لها الابتعاد عن التعالي والكبر لأنها سمة مقيتة تجردنا من طيبتنا وتجبرنا على العيش بمفردنا، لأنه لا يوجد أحد على الإطلاق في هذه الحياة يفضل الإعجاب بهذا النوع من الناس أو يكن له الحب والاحترام بل على العكس تماما، فاتصافنا بهذه السمة السلبية والمنفرة يشعرنا بالوحدة والعزلة والغربة على الرغم من كثرة الأشخاص الذين يحيطون بنا إلا أننا قد نخسرهم واحد تلو الآخر كنتيجة طبيعية لتكبرنا وتعالينا عليهم وإذا أردنا أن نترك في أنفسهم أثرا طيبا فسبيلنا لذلك هو التواضع والقرب من همومهم فهم يحتاجون إلى شخص يحفر في أعماقهم دفئا يمدهم بالمحبة والاحترام ويزيل من ذواتهم تراكمات كونتها قسوة السنوات المرة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة