كلما فتحت الجريدة، داهمتني تلك الجملة:- (الشخصية الوطنية الأردنية) وأحاول أحيانا أن أجد وصفا أو تعريفا دقيقا للشخصية الوطنية الأردنية، ولكني أتوه في تاريخ متقلب يحمل كل تناقضات الدنيا،وأحيانا أتوه في الملامح السمراء.
وإذا قدر لي أن أجد ترجمة لتلك العبارة فهي تتجلى في شخص معروف البخيت.
معروف أولا يجسد الشخصية الوطنية بإحتراف، فهو غالبا ما يحمل علبتي سجائر روثمان واحدة في الجيب الأيمن للجاكيت وواحدة في الجيب الأيسر ويحمل أيضا ولاعتين...وليس لديه مشكلة في التدخين بأي مكان حتى لو كان غرفة العمليات.
ناهيك عن أن معروف يحب (الغماس)، والخبز حاضر على المائدة دوما..وإذا أردت ان تعرف شقاء العمر الذي مر على شخص ما فستعرف ذلك من خلال قيامه بإدخال الخبز في أي وجبة.
معروف أيضا لا يهتم بالتكنولوجيا ما زال يؤمن بالأصالة فالموبايل الذي يحمله مصنوع سنة (1997) والساعة التي يرتديها، عمرها (37) سنة، ناهيك عن أنه يجب الألوان (المونس) شأنه شأن كل أردني، راقبوا ربطات عنقه، جميعها (مونس).
ذات يوم حاولت أن أقنعه بأن يترك جيوب الجاكيت وشأنها فالبذلات الراقية لا تستخدم جيوب الجاكيت فيها حتى لا (ينفش) القماش، ولكن معروف جيوب جاكيته مستودع فهي تحتوي على الدخان والموبايل وشريط (بنادول)، وأحيانا تحتوي على أوراق وفي بعض الأحيان حين يريد أن يخرج الموبايل تخرج معه بالخطأ (حبات قضامة).
أول مرة جلست مع الرجل، تحدث لنا عن شيء مهم وهو (هيبة البيروقراط) في الدولة فهناك فارق ما بين مسخ البيروقراط عبر إدخال مشاريع التجريب عليه المتمثلة بإيقاف التعيين وإخضاع المؤسسات للبرامج وتغير عقلية الموظف إلى عقلية القطاع الخاص و(الديجتال) وبين منح هذا الجهاز الهيبة والرصانة، أدركت وقتها أن الرجل قرأ وصفي التل جيدا..فميزة وصفي التل أنه هو المؤسس الحقيقي لهيبة البيروقراط، هو الذي كلف خليل السالم بتأسيس البنك المركزي وهو الذي أراد إعطاء هوية زراعية للدولة.
معروف البخيت هو أحد تجليات الشخصية الوطنية الأردنية التي ظلمت في مفصل تاريخي من حياتنا، لم نقرأ مسيرة تدرجه من ضابط إلى عميد لم نقرأ شقاء الأردني في الحصول على العلم حتى والشيب يغزو المفرقين، ولم نقرأ في شخصيته تفاصيل الفقراء الذين عاشوا في زواريب عمان وأحيائها...واستنشقوا الفقر تماما مثلما استنشقوا الهواء في صباحات عمان المقلقة.
الكتابة في لحظة من اللحظات هي شهادة على التاريخ والشخوص، والبارحة في حوار مع صديق....قال جملة أوجعتني وهي :- (كل ما انجيب واحد ما بعجبكوا من وين انجيب مسؤولين)....وقلت له :- القصة ليست في صناعة المسؤول ولكن القصة في تكسير مشروع المسؤول، أحيانا الدولة الأردنية تكسر مشروع الرمز السياسي أو القائد الاجتماعي قبل أن ينضج، وطرحت معروف مثلا.
رجولة الكتابة تقتضي منك في لحظة أن تكتب عن الذين عبروا وليس عن القادمين..ومحاذير الكتابة تقتضي منك في لحظة، أن ترميها خلف ظهرك فلم يعد مجال للمجاملة أو الخوف أو قراءة ما يكتب بصورة مغايرة.
كيف حالك يا صاحبي؟....مر زمن طويل لم نتحدث فيه عن البلد، ولم نتحدث فيه عن وصفي وكنت دوما تقول لي :- (إنت كيف بتعرف كل هالتفاصيل هاي)..وكنت أخبرك أن من يريد أن يعشق الأردن عليه أن يعرف كل شيء عنه، لأن عشق البلد وأهل البلد لدينا هو وظيفة وليس حالة عابرة....
سلامي لك.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو