التوجه لوضع مشروع قانون جديد لضريبة الدخل، ليس مفاجئا، فهو أمر بشّرتنا به حكومة د. عبد الله النسور مباشرة بعد انتهائها من إقرار القانون المطبق حاليا في العام 2014، وتعرضت تلك الخطوة لنقد لاذع في حينها، بوصفها تعبيرا عن عدم الاستقرار التشريعي بدرجة كبيرة.
كما أن سعي الحكومات المتعاقبة لسن تشريع لضريبة الدخل ليس شيئا جديدا، بل هي مسألة معروفة، فلطالما أمطرتنا الحكومات بتصريحات متشابهة، ترتكز على أن غالبية الأردنيين لا يدفعون ضريبة دخل، حيث يعفى أكثر من 95 % منهم من تسديد الضريبة.
وليس سرا، كذلك، أن وضع قانون جديد لضريبة الدخل، هو استجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي يطالب الأردن منذ سنوات طويلة بوضع هذا التشريع لإزالة واحدة من التشوهات التي تراها المؤسسة الدولية.
معروف، أيضا، أن الحكومات فشلت دائما في ضبط ظاهرة التهرب الضريبي التي باتت أشبه بالفضيحة نتيجة غياب الإرادة والأدوات لتحقيق الهدف. كذلك نعرف جيدا أن المشرع استقوى دائما على القطاعات والأفراد الملتزمين بدفع الضريبة، وظل يبالغ بزيادة النسب عليها حتى باتت غير قادرة على دفع المزيد، وتضررت نشاطاتها نتيجة السياسات الضريبة غير العادلة.
من ناحية أخرى، يعلم المسؤولون والخبراء، أن تركيزهم فقط على ضريبة الدخل وإصلاح الاختلالات فيها أمر مجزوء، فالمطلوب إصلاح النظام الضريبي بأكمله ليكون أكثر عدالة، ويحقق الغاية من فرض الضرائب، وتحديدا ضريبة الدخل، التي تقوم على مبدأ إعادة توزيع مكتسبات التنمية بعدالة أولا، وتوزيع العبء الضريبي بعدالة، كذلك.
إعادة النظر في النظام الضريبي المعمول به يحتاج إلى مراجعة كل الضرائب التي يسددها الأردني من مبيعات ودخل ورسوم جمركية وغيرها من الرسوم والضرائب، بحيث يقاس كامل العبء إلى الدخل، ثم يصار إلى احتساب القيمة العادلة للخزينة والفرد من إجمالي العوائد المحلية، ليكون توزيعها منصفا للجميع.
نحتاج أيضا إلى عقلية متفتحة في إعلان ثورة على الوضع القائم، بحيث ننسف التشريعات المفروضة فيما يتعلق تحديدا ببند التهرب الضريبي، ونأخذ خطوة شجاعة للأمام بفتح صفحة جديدة مع هؤلاء، وعدم التعنت في التعامل معهم، لأن العناد في هذا الباب سيبقي المتهرب متهربا، ولن يأتي يوم ليدفع ما عليه بطيب خاطر، بل سيمضي بلعبته بذكاء يبقي على حرمان الخزينة من حقوقها.
ما تتناساه الحكومات في تعريف قانون ضريبة الدخل والفلسفة التي يقوم عليها أنه قانون سياسي، وليس ماليا، وإقراره لا يتم في الغرف المغلقة، لأن تأثيره كبير على المجتمع، فهو قانون سيادي، وحساس كونه يمس غالبية المجتمع ويستنزف ما في جيبه، ويكسر آخر قلاع الطبقة الوسطى التي ما تزال تحتمي بدخلها المحدود وتقاوم حتى لا تنزلق إلى ما دون ذلك.
ويأخذ القانون بعدا سياسيا، كذلك، لأن الطبقة الوسطى تبقى عماد التنمية والبناء، وأداة المؤسسات لتغيير المجتمع، فتقليص حجم هذه الشريحة التي تعرضت لضربات متتالية على مدى السنوات الماضية أبقاها وحيدة في مواجهة كل التحديات الاقتصادية والمعيشية التي ألمت بها خلال السنوات الماضية.
في المحصلة، فإن حماية هذه الشريحة مهم كلبنة أساسية للاستقرار العام، وكذلك للاستقرار الاجتماعي والأمن المجتمعي بشكل عام، ولا يجوز أن تبقى عيون الحكومات مغمضة عن الضغوطات التي تتعرض لها هذه الطبقة، والمتأتية من تدني مستوى الخدمات الحكومية المقدمة لها، ما يجعلها تنفق جزءا كبيرا من دخلها على خدمات التعليم والصحة والتنقل، وكله بسبب غياب البديل الحكومي اللائق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو