تلجأ الدول أحیانا للعفو العام أو الخاص في ظروف معینة، إما لرفع الظلم أو من أجل الصفح عن البعض، وبھدف تحقیق مصالح علیا للدولة، إضافة طبعا للأبعاد الإنسانیة لبعض السجناء، مراعاة لظروف معینة قد تكون ھناك حاجة لمراعاتھا، كالظروف الاقتصادیة للمواطنین وغیرھا.
جلالة الملك عندما أمر الحكومة بإصدار قانون العفو العام في 13 كانون الأول للعام 2018 ،أكد على ثلاثة مبادئ أساسیة یجب على الحكومة مراعاتھا، وھي: المحافظة على سیادة القانون، وعدم المساس بھا، وثانیا: عدم وجود إضرار بالأمن الوطني والمجتمعي، وأخیرا، ألا یكون ھناك اضرار تترتب على قانون العفو على المواطنین.
القانون الذي أقره مجلس النواب قبل أیام، جاء موسعا، وشمل عددا كبیرا من الجرائم والجنح. واشتمل العفو على جرائم وجنح أكثر مما كان موجودا بمشروع القانون، الذي أرسلتھ الحكومة للمجلس، وبھذا یكون المجلس توسع بالبنود التي شملھا العفو، واستجاب لغالبیة مطالب المواطنین المتأثرین بھذه الجرائم.
السؤال الذي یثار ھنا ھو: ھل ستترتب على قانون العفو الذي أقره المجلس سلبیات محتملة على الدولة وبعض المواطنین؟ لعل الجواب عن السؤال یكون بنعم في بعض الجوانب، وبخاصة فیما یتعلق بسیادة القانون، والآثار السلبیة على المجتمع للعفو عن بعض الجرائم.
في الجانب الأول، ھناك جرائم واضحة تم شمولھا بالعفو، تؤثر سلبا في سیادة القانون، وھي ھیبة الدولة، التي أصلا نعاني منھا منذ فترة لیست بسیطة، وبخاصة تلك المرتبطة بالاعتداءات على الكھرباء والماء، التي ھي حقوق للدولة والمواطنین بالوقت ذاتھ.
أضف الى ذلك الجرائم المرتبطة بالتعدي على موظفي الخدمة العامة أو القطاع العام، التي ھي من الجرائم التي ازدادت في الفترة الماضیة. فضلا أیضا عن المخالفات المرتبطة بقوانین إدارة السیر بالبلاد. الأشخاص الذین یخالفون القانون بھذه الحالات یقومون بھا في أغلب الأحیان لأسباب غیر مبررة .
وعلیھ، فإن التھاون في تطبیق القانون على ھذه الفئات یبعث برسالة خاطئة بتاثیرھا السلبي على مبدأ سیادة القانون، والمحافظة على حق الدولة وموظفیھا.
أما الجانب الثاني، فلھ علاقة بشمول العفو على حالات الاعتداء أو القتل المرتكبة من قبل الوالدین بحق أبنائھم، أو ما یمكن الإشارة إلیھ بالعنف الأسري.
القانون الأردني ومواثیق حقوق الإنسان تجرم العنف الأسري. فشمول العفو للآباء الذین قتلوا أبناءھم ھي خطیرة حتى لو ارتكبت ضد أحد الأبناء. والغریب في الأمر، أن العفو مقرون بإسقاط الحق الشخصي، الذي یقوم بھ الأب وھو الجاني نفسھ.
التسامح والعفو ھما من شیم الدولة الأردنیة، ولا أحد یعترض على إصدار عفو عن جرائم لا تؤثر على مبادئ الدولة الأساسیة، وعلى رأسھا سیادة القانون، ولا على حقوق الناس بالوقت نفسھ.
ولكن إطلاق سراح آلاف المجرمین دون القیام بترتیبات إضافیة قد یؤدي لخلق مشاكل جدیدة.
كان من المفروض على الحكومة والمجلس التفكیر أیضا في مرحلة ما بعد العفو، والآثار التي یمكن أن تتركھا على المجتمع وعلى الفئات المتضررة من ھذا العفو بإجراء ترتیبات أو برنامج للمصالحات أو حل النزاعات لوجود فئات متضررة من إصدار ھذا العفو.
كذلك، ھناك بعض الجرائم المشمولة بالعفو التي یحتاج مرتكبوھا الى إعادة تأھیل نفسي أو اجتماعي أو حتى مھني، حتى لا یعودوا لارتكاب ھذه الجرائم مرة أخرى، سیما وأنھ قد یكون البعض منھم غیر قادر على الحصول على وظیفة.
خلاصة القول، إن قانون العفو الحالي أھمل في شمولیتھ أبعادا قد یكون لھا أضرار على مبدأ سیادة القانون وعلى المجتمع أو بعض أفراده. كان یجب التفكیر ملیا لیس بالآثار السلبیة لھذا القانون فقط، وإنما أیضا بمرحلة ما بعد العفو، وبخاصة فیما یتعلق بالمصالحات أو إعادة التأھیل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو