الجمعة 2024-12-13 12:12 م
 

"العقد الاجتماعي"ونقص الخدمات

09:49 ص

استمر'ماراثون'مناقشات مجلس النواب لبيان الثقة، بحكومة الدكتورعمرالرزاز خمسة أيام، وحرصت بحكم المهنة على متابعة المناقشات على الهواء مباشرة، حتى لحظة محاولة انتحار مواطن تحت القبة، في الدقائق الأخيرة من عملية التصويت على الثقة، التي اربكت المجلس وتسببت بفوضى وذهول! ذلك أن عمليات الانتحارأو المحاولات الفاشلة، لم تعد مستغربة تحت ضغط الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية، لكن الجديد أن تحدث سابقة مثيرة تحت القبة، أمام أنظار ممثلي الشعب والحكومةاضافة اعلان


ومنذ الجمعة التي سبقت ماراثون الثقة بيومين، وحتى فجرالجمعة أمس الأول، أجريت عشرات الاتصالات الهاتفية مع المعنيين في مديرية مياه ديرعلا بمن فهم المدير، للاستفسارعن موعد ضخ مياه الشرب،الى منطقة قادني'سوء الحظ' أن أمتلك فيها بيتا بسيطا، ومنذ ثلاثة أسابيع لم تصلها المياه، وهي حالة عامة يعاني منها سكان لواء ديرعلا، كما هو حال العديد من مناطق المملكة خارج عمان!

وكانت المفارقة أنه خلال فترة مناقشات النواب لبيان الحكومة، نشرخبر توقيع اتفاقية بين الأمن العام وسلطة المياه، يتضمن إيقاع الحجزالتحفظي على مركبات المواطنين المتخلفين عن دفع فواتيرالمياه، رغم أن سلطة المياه تمتلك صلاحية قطع المياه عن المتخلفين، لكن يبدو أنه إمعانا في إذلال الناس وممارسة المزيد من الضغوط ،تم إشراك الامن بتحصيل فواتيرالمياه، بما يشبه معاقبة أصحاب السوابق! ويا ليت أن المياه تصل'المحرومين'، وعندها أظن أن المتخلفين أو غير القادرين عن الدفع ،مستعدون لتسليم أنفسهم ل'شرطة المياه' !

وعلى سيرة مناقشات البيان الوزاري، فقد حظي موضوع التبشير ب' عقد اجتماعي'جديد'و'مشروع نهضوي'، بحصة كبيرة من خطابات النواب، وامتد النقاش حول الموضوع بشكل أفقي الى المجتمع، عبر الصالونات ووسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي! وما يثيرالمرارة في النفس، أنه وسط الحديث عن'عقد اجتماعي'جديد، تعاني شرائح اجتماعية واسعة من العطش، ونقصا هائلا في الخدمات الاساسية، وأقول ذلك ليس اعتمادا على شائعات أو قصص منقولة، بل عن تجربة شخصية، نموذجها ما أشرت اليه بخصوص انقطاع المياه، وأقارن ذلك بفائض المياه داخل عمان حيث أسكن

هؤلاء'المعذبون'في الأطراف، جراء نقص المياه والخدمات لا يعنيهم ترف الحديث عن'عقد اجتماعي'جديد، و'مشروعِ نهضوي شامل'،ومن يهتم منهم ربما ينظر بسخرية لفكرة أثارت زوبعة من العصف الذهني، ربما وردت بالصدفة ودون التفكير بأبعاد استراتيجية، وعلى الأرجح أنها ستنتهي الى الارشيف كما انتهت مشاريع ووثائق عديدة ،أعدتها لجان وخبراء واستهلكت مناقشات طويلة، مثل'الميثاق الوطني'و'الاجندة الوطنية'، و'مخرجات لجنة الحوار الوطني' وغير ذلك كثير !

رئيس الوزراء رجل'حالم'،وصاحب خبرات ومؤهلات متعددة وسيرة نزيهة، فهو يقول في رده على النواب بان تعبير'العقد الاجتماعيّ' ورد في كتاب التكليف السامي بوضوح'، والبيان الوزاريّ عرّف مفهوم العقد الاجتماعيّ على أنّه 'يستند إلى الدستور'، وهو العمل على ترجمة القواعد العامّة في الدستور.

كلام عام جميل، ومن يتمعن في مضمونه يلحظ أنه لايحمل جديدا. ذلك أن التعريف البسيط للعقد الاجتماعي هو الدستور، وما ينبثق عنه من تشريعات يتم اصدارها بالتوافق بين السلطتين والتنفيذية والتشريعية. والالتزام بتطبيقها وتكريس ثقافة احترام القانون وقيم العدالة الاجتماعية، وقيام الحكومة بواجباتها في تقديم الخدمات للمواطنين، دون تمييز أو حاجة الى واسطة ومحسوبية! ولسنا بحاجة لممارسة السياسة من الصفر، مع كل حكومة جديدة مثل عمال المياومة

'العقد الاجتماعي' كما تؤكد معطيات التاريخ، فكرة طرحها فلاسفة ومفكرون في ظروف وبيئة تطلبت ذلك، لتنظيم العلاقة بين أطرف المجتمع، وبين السلطة الحاكمة والمواطنين، وربط علاقة الحاكم بالمحكوم من خلال الدستور والقوانين، وتنفذ من خلال حكومة يختارها الشعب،أو تحظى بثقته من خلال مجلس منتخب.

وعندما طرحت الفكرة عبر كتاب'العقد الاجتماعي أو مبادئ الحق السياسي' للفيلسوف'جان جاك روسو'عام 1762، لم يكن هناك دولة بالمعنى الحديث، تحكمها دساتير تنظم العلاقة العمودية بين السلطة الحاكمة والمواطنين ،وأفقيا بين أطراف المجتمع. وكان الكتاب مصدر إلهام لبعض الإصلاحات السياسية والثورات في أوروبا وخاصة فرنسا.

وبعد سقوط الشرعية الملكية والدينية كأساس للحكم في أوروبا، أصبح من الضروري البحث عن شرعية بديلة، تتحدد على أساسها مسئوليات الحاكم والمحكوم، والواجبات والحقوق المترتبة على كل منهم. لذلك ظهرالعديد من المفكرين والفلاسفة، الذين عملوا على إيجاد ميثاق شرعي جديد يحكم العلاقة بين الطرفين، وكان من بين هؤلاء 'روسو'ومجموعة أخرى من المفكرين التنويريين،أمثال' توماس هوبز'و'جون لوك'.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة