كل نماذج وتجارب الخروج على الدولة باستخدام السلاح في عالمنا العربي كان أصلها فكرا ينزع الشرعية عن الدولة ويعطي لحامل البندقية حق إطلاق النار والقتل وإشعال النيران للوصول إلى أهدافه، وحتى الممارسات الفردية التي تجعل فرداً أو عصابة تطلق النار على رجل أمن فإنها تنطلق من قناعة بالخروج على القانون، فاستخدام السلاح يعني إعلان الحرب على القانون والدولة والخروج عليهما سواء كانت القناعة من فهم خاص لنص شرعي أو مصلحة، لكنها في النهاية عدم إيمان بالقانون والدولة.
وحتى الفكر التكفيري الذي بدأ لدى المعتقلين في سجون مصر في الستينات فإن المنطلق كان سلسلة التكفير التي بدأت بالحاكم ووصلت حتى الموظف الصغير، أي تكفير الدولة ثم إستخدام نص ديني يعطي لمن أستخدمه حق الخروج والقتل والقتال.
ولهذا فعندما نذهب لتقييم استقرار أي دولة فإن من أهم المعايير دراسة الفكر الذي تحمله القوى العاملة على تلك الساحة حيث الإيمان بحمل السلاح والقتل، فإذا كانت أي ساحة خالية من أي فكر من هذا النوع فإن الاستقرار الداخلي قوي، ونتحدث هنا أيضاً عن تنظيمات تمارس إزدواجية الخطاب حيث الفكر السلمي في حالة ضعفها وقوة الدولة، والخطاب الانقلابي في حالات قوتها وشعورها بضف الدولة، وهذه التنظيمات يتم كشفها في المراحل غير العادية التي تمر بها الدولة.
وحين يكون التسامح نهج الدولة فإن لغة العنف والسلاح لا يمكن أن تجد لها من يناصرها، مع أن العنف وحمل السلاح يعني الفوضى، ومع الفوضى يفقد كل مواطن القدرة على حماية نفسه وبيته، ولا يحمل السلاح أصحاب فكر القتل والعنف فحسب بل كل مواطن، أو يكون خيار الناس الهروب واللجوء والنزوح.
لكن التجارب الأخيرة أثبتت أن نقاء أي ساحة من فكر حمل السلاح لا يكفي، لأن أي دولة تضعف لأي سبب وتصل إلى إنفلات أمني ستجد من ( فاعلي الخير !!) من الدول ( الصديقة والشقيقة ) من يستثمر أي نقص مناعة في الدولة لإدخال أسلحة ومقاتلين، فضلاً عن شراء في طبقة الانتهازيين في داخل كل دولة لنجد أمامنا فجأة معارضة مسلحة تلبس لباساً عسكرياً ومدربة ولها فضائيات وناشطون، وكأنها كانت تستعد منذ سنوات لهذه اللحظة.
وإذا كان فكر الإيمان بالدولة واستقرارها هو ضمان لاستمرار الدولة فإن فكر الخروج على الدولة وحمل السلاح، أو إستهداف هيبة الدولة هو المدخل للتفكيك وإدخالها في دوامة العنف وتحويل مواطنيها إلى ( زبائن ) لشاحنات المساعدات ( ومتلقين ) لخدمة الخيم والكرفانات.
في زحمة النار التي حولنا فإن العيون يجب أن تبقى مركزة على كل بؤرة فكر تؤمن بغير العمل السلمي مهما كانت صغيرة، وأيضاً على كل شخص أو تجمع يمكن أن يكون وكيلاً للعبث الخارجي، فلا مجال للتجربة لأن تجار التفكيك وصناعة العبث ومقاولي معسكرات التدريب جاهزون.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو