لن ادخل في المحاذير الدستورية التي اثيرت تحت القبة البرلمانية بخصوص قانون المالكين والمستاجرين. فهناك مرجعيات اوكل لها الدستور الاردني النظر في هذه الامور، وسواء تدخلت من تلقاء نفسها لتصويب الخلل ـ أن وجد ـ او احيل لها الملف من قبل احدى السلطات الدستورية هناك اطمئنان بان العامل الدستوري سياخذ مداه. غير انني انظر لمسار هذا القانون من زاوية مختلفة بعض الشئ. وتحديدا من خلال تاريخ المناقشات التي طالت قانون المالكين والمستاجرين، والمحطات الفاصلة التي كانت مطلبا قبل ان تتحول الى مشاريع توافقية تمت بلورتها الى صياغات محددة واصبحت نافذة لتعود في عهد المجلس الحالي الى نقطة البداية. وبالتالي الى التاسيس لاشكاليات قانونية وسياسية وغيرها.
بعيدا عن الاطالة، كان مبدأ بدل المثل مطلبا للمستاجرين قبل ان يصبح مطلبا للمالكين، وكانت وجهات النظر متباينة بين الطرفين قبل ان تلتقي عند نقطة اسمها «بدل المثل» بحيث يكون الاساس فيها توافقيا بين اطراف العلاقة. وان يحتكم الطرفان الى القضاء فيما اذا اختلفا فيما بينهما. وبحيث يشكل القضاء لجنة للبت في الخلاف وتصدر المحكمة قرارها تبعا لذلك.
ودلالة على منطقية هذا النص فقد نجح المالكون والمستاجرون في حل ما يزيد عن نصف القضايا العالقة طبقا لتلك الآلية، وقاموا بكتابة عقود جديدة بينهم توافقيا. بينما توجه الباقون الى المحكمة لحسم خلافاتهم من خلالها. بالتوازي، برزت بعض التحفظات على بنود اخرى ومنها ما يتعلق باشغال الماجور من قبل الورثة. وتركزت الخلافات في مسار آخر هو المسار التجاري، وابدى التجار تحفظهم على النص الذي يعتبر قرارات المحاكم في مسالة بدل المثل قطعية ولا يجوز الطعن بها.
وتطورت تلك التحفظات الى مخالفة دستورية مفادها ان النص ينتقص من احد الثوابت القضائية. ما يعني انه لا بد من اخضاع قرارات المحاكم الخاصة ببدل المثل للطعن. وجاء مشروع القانون المرسل من الحكومة الى مجلس النواب ليعالج تلك الثغرة، ويضع نصا يحتفظ ببدل المثل الذي تحول الى ثابت من ثوابت الاتفاق بين اطراف العلاقة ككل. الا ان اللجنة القانونية قامت بنسف القانون وافراغه من ذلك الثابت، واعادة الملف كاملا الى نقطة البداية.
والمقصود هنا بنقطة البداية ان التعديلات التي ادخلتها اللجنة واقرها المجلس فيما بعد تنكرت لكل المناقشات التي تمت على مدى عقد من الزمن. وقفزت فوق كل التوافقات التي تمت والتي اعتبرها المشرعون انجازا كبيرا يمكن البناء فوقه بدلا من الاطاحة به. والدليل على ان التعديلات اعادت الازمة بين اطراف العلاقة الى بداياتها الرفض المطلق من قبل المالكين الذين ينظرون الى المسالة من زاوية مخالفة دستورية ايضا، وانها تنزع منهم حق الانتفاع من الماجور وتضع المزيد من القيود على ذلك الحق. كما انهم يدفعون بفشل اسلوب الزيادات المبرمجة الذي طبق اكثر من مرة ولم يفلح بحل الاشكالية لجهة ان بدل الايجار لا ينطلق من قاعدة صحيحة، وان نص الزيادة المبرمجة كان واردا في القانون الذي الغي قبل عدة سنوات لكنه لم يطبق البتة.
بالطبع هناك الكثير الكثير الذي يقال في هذا الصدد، لكن القضية حسمت ـ كما يبدو ـ من خلال الصوت العالي. الذي يفترض ان يكون بعيدا عن مطبخ التشريع. السؤال الذي يطرح هنا.. هل سيتوقف مجلس الاعيان عند تلك المسالة؟ وهل سيعيد القانون ثانية الى مجلس النواب؟.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو