السبت 2024-12-14 03:18 م
 

الفقر يضرب في اعماق الكرامة الانسانية .. والمعونة ملح على جرح الفقراء

01:00 م

الوكيل- لا تخفي الخمسينية فاطمة الدغيمات من غور الصافي حزنها على نهاية رمضان، فخلال هذا الشهر الفضيل شعرت الدغيمات بالاهتمام بها وتفقد أحوالها، كما تقول.اضافة اعلان


وقالت بألم وهي تقف أمام مسكنها الذي يعتقد الناظر اليه انه كومة من النفايات البلاستيكية والقماش والحديد التقطتها من الشوارع والاودية 'حالتي لا تحتاج الى دراسة ميدانية للوصول الى 20 او 40 دينارا لي ولابنتي المطلقة، فالرقم الصغير ليس اكثر من رشة ملح على جروحنا ونحن نعيش في العراء تحت شمس الاغوار الحارقة'.

فمعاناة الدغيمات بحسب وصفها 'فوق الاحتمال'، مشيرة الى ان 'نصف المعونة يذهب أجرة مواصلات، وطرود الخير التي تمر من أمامنا قد تصلنا ان وجدت من يذكر بنا'.

وفاطمة الدغيمات ليست الوحيدة التي تعيش كابوس ولعنة الفقر، فمثلها تقف الاربعينية ام محمد من وادي الكرك باكية امام مكتب التنمية طالبة المساعدة لأولادها الثلاثة المرضى، لتقديم طلب لصندوق المعونة تقول 'انها قدمته عدة مرات'.

ولا يختلف الحال عند الثمانينية ام علي وابنتيها من القطرانة، اللواتي وجدن انفسهن بلا معيل، فأم علي تشكو قائلة 'ان احدهم تدخل لدى صندوق المعونة لمنحنا معونة كان يفترض ان نتلقاها منذ سنوات'.

وفي الأثناء، كانت باحثة متطوعة في قضاء الموجب توثق 171 حالة اعاقة وفقر لا تتلقى دعما، وهو امر ينسحب على الوية عي وفقوع والقصر والمزار الجنوبي لوجود حالات كثيرة مشابهة لا تعلم بوجود صندوق معونة ولم تجد من يرشدها او يدل الباحثين الاجتماعيين عليها.

وفيما تشير سجلات تنمية الكرك بدورها الى وجود 86 حالة اعاقة مشمولة بالمعونة سنويا بمبلغ 3135 دينارا، إضافة الى 236 حالة إعفاء جمركي لمعاقين، فإن هناك تساؤلا حول عدد الأسر المستفيدة من القروض المنتجة، فهناك 154 مستفيدة من الاقراض الانتاجي التراكمي 20 حالة منها في عي و14 في القطرانة و86 في القصبة كحالات فقر واعاقة، تصرف لها المعونة حسب دخل الاسرة، بينما يؤكد متلقو المعونة انها لا تكفيهم وان ارقام غير المشمولين ممن تنطبق عليهم التعليمات بالمئات. ومع تصدر الاغوار الجنوبية والقطرانة المناطق الاشد فقرا بحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي للعام 2013، الا انها الاكثر انتاجا اقتصاديا على مستوى المملكة، فيما يشير التقرير الى نسب فقر في الاغوار بحدود 44 بالمئة والقطرانة 33 بالمئة والموجب 44 بالمئة.

الناشطون في العمل الخيري مالك العجالين وزيد الحوامده وعبدالله العجالين، يرون ان غياب المؤسسية في توزيع المساعدات مع عدم توفر مسوحات حديثة لرصد الحالات، انتج آلية قاصرة، إما عبر المخاتير او بشكل شخصي حسب المعرفة حيث تصل عشرات الطرود الى عائلة واحدة، لكن الكثير من الأسر لا يصلها شيء.

فقد كشفت دراسة حديثة للجنة زكاة وصدقات غور الصافي عن 3000 عائلة بحاجة لتدخل غذائي مباشر بسبب سوء التغذية وفقر الدم والهزال، بينما يعيش 275 معاقا من مختلف الاعمار معاناة نفسية وجسدية وغذائية تستلزم رعاية وتأهيلا اكثر، اضافة الى 50 منزلا موثقة بالصور بين آيل للسقوط او الحاجة للصيانة، او حاجته لدورات مياه ومطابخ وابواب ومياه وكهرباء، الامر الذي يكشف غياب اذرع تطوعية تنفذ مبادرات خيرية لمساعدة هذه الأسر على تجاوز محنتها من قبل الجمعيات الخيرية والتي يزيد عددها على 300 على مستوى محافظة الكرك.

من جانبه قال رئيس لجنة زكاة وصدقات غور الصافي محمد البوات ان الحالات موثقة وتحتاج تدخلا لمواجهة امراض كفقر الدم والهزال الشديد خاصة الاطفال والنساء.

واضاف، خلص فريق البحث الميداني لنتائج هي الاخطر في الاغوار من حيث عدد المحتاجين، لافتا الى ان اللجنة استطاعت تأمين 360 أسرة فقط بمساعدات غذائية كوجبات صحية عبر برنامج شهري بالتعاون مع مطبخ العائلة الاردني وتكية ام علي، معتبرا ان الفزعة والتوزيع غير المؤسسي على محتاجين يعانون سوء تغذية هو حل آني، الامر الذي يتطلب مواجهة الفقر بخطة مؤسسية بتمويل واستراتيجية انتاجية بديلة لدعم النقدي والعيني. وقالت مدير عام صندوق المعونة الوطنية بسمه اسحاقات، ان الصندوق يتلقى طلبات الانتفاع ويدرسها ضمن معايير، هدفها ايصال المعونة لمستحقيها.

واشارت الى ان 90 الف اسرة تتلقى معونة حدها الادنى 45 دينارا للفرد وسقفها الاعلى 180 دينارا للعائلة، موضحة ان موازنة الصندوق التي تبلغ 90 مليون دينار توزع حسب الاصول.

ولفتت الى ان الربط الالكتروني مع الاحوال المدنية وجهات اخرى ساهم في الحد من تلقي غير المستحق بالوفاة او تحسن دخله، مبينة ان المعاق المعني بالانتفاع تم رفع مخصصاته من 10 الى 15 دينارا تستفيد منها اسر المعاقين بحسب عددهم وضمن آلية احتساب الدخل.

النائب السابق والمحامي عبدالحميد الرواشدة أكد الحاجة الى مراجعات تشريعية قانونية ضرورية مع تطوير مؤشرات قياس الفقر، مبينا ان الدستور رتب حقوقا اقتصادية واجتماعية وسياسية للمواطن من خلال مسؤولية ضمان العمل والتمكين من تحقيق الحاجات الاساسية عبر سياسات وبرامج.

واشار الى الترابط بين ارتفاع نسب الجريمة والفقر والبطالة كحالة اقتصادية تتمثل بعدم وجود الدخل الكافي لتوفير الاحتياجات، معتبرا الفقر المدقع انتهاكا لحقوق الانسان خاصة الاطفال والنساء واهمالا في الرعاية الاجتماعية يتطلب حلولا اقتصادية.(بترا)


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة